بالنّاس نعيم بن مسعود على ما نقل من حكايته أو ركب من عبد القيس على ما قيل انّه لقى أبا سفيان بعد ما علم بخروج محمّد (ص) من المدينة على أثرهم ركب من عبد القيس فقال : اين تريدون؟ ـ فقالوا : نريد المدينة فقال : هل أنتم مبلّغون محمّدا (ص) رسالتي واحمل لكم ابلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذا وافيتمونا؟ ـ قالوا : نعم ، قال : فاذا جئتموه فأخبروه انّا قد اجمعنا للكرّة عليه وعلى أصحابه لنستأصل بقيّتهم ، أو المراد بالنّاس منافقوا أصحاب الرّسول (ص) (إِنَّ النَّاسَ) يعنى أبا سفيان وأصحابه (قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً) لانّ المتوسّل بالله بعد الاتّصال بخلفائه بسبب الايمان إذا دهمته بليّة يزداد اتّصاله الايمانىّ ويتقوّى توسّله وايمانه (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا) من حمراء الأسد أو من بدر الصّغرى (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ) اى مع نعمة من الله وهي عافيتهم من القتال وسلامتهم من اثر الجراح الّذى كان بهم وقوّة من القلب والايمان (وَفَضْلٍ) الشّرف والصّيت وارعاب قلوب الأعداء أو بنعمة هي ما أصابوا من التّجارات ببدر وفضل هو الرّبح الّذى أصابوه من ضعفي ما كان لهم أو بنعمة هو علىّ (ع) وفضل هو محمّد (ص) (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) لا من عدوّهم ولا من جراحاتهم (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) حيث امتثلوا امره مع ما بهم من الجراح (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) فيتفضّل عليهم في الآخرة بما لا حدّ له وما لا عين رأت وفيه تحسير للمتخلّفين وتخطئة لهم وترغيب في الجهاد (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ) الشّيطان خبر ذلكم أو صفته والخبر (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) والمراد بالمشار اليه نعيم بن مسعود المثبّط أو ابو سفيان أو المثبّط من ركب عبد القيس وأولياءه مفعول اوّل أو مفعول ثان (فَلا تَخافُوهُمْ) اى الشّيطان ومن معه أو أولياء الشّيطان (وَخافُونِ) فانّ الضّرر من كلّ ضارّ لا يصل الى أحد الّا بإذني (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) فانّ شأن الايمان والاعتقاد بتوحيد الله ان لا يرجو المؤمن ولا يخاف الّا الله (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) في الذّهاب الى الكفر لخوفك ان يضرّوك أو يضرّوا المؤمنين بتقوية الكافرين أو مقاتلة المؤمنين والمراد بهم المنافقون المتخلّفون عن الجهاد (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ) في مقام التّعليل والمعنى لن يضرّوا أولياء الله ومظاهره في الأرض (شَيْئاً) من الضّرر على ان يكون شيئا قائما مقام المصدر ويجوز ان يكون بدلا من الله نحو بدل الاشتمال بتقدير لن يضرّوا الله شيئا منه ، ويجوز ان يكون منصوبا بنزع الخافض اى بشيء من الله (يُرِيدُ اللهُ) جواب لسؤال مقدّر أو حال (أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ) وفيه تسلية للرّسول (ص) ودلالة على انّ تسرّعهم الى الكفر انّما هو بإرادة الله وان لم يكن برضاه (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في الدّنيا والآخرة فانّ التعبير بالجملة الاسميّة الدّالّة على الاستمرار الثّبوتىّ يدلّ على كونه ثابتا لهم من حين التّكلّم (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) تأكيد للاوّل أو تعليل له وتعميم للحكم لجميع الكفّار بعد تخصيصه بالقاعدين المنافقين (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) قرئ تحسبنّ بالخطاب وبالغيبة (أَنَّما نُمْلِي) انّ الّذى نملي أو انّ الاملاء (لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) لهم متعلّق بنملى وانّما نملي مفعول ثان ليحسبنّ أو بدل من المفعول الاوّل مغن عن المفعول الثّانى وعلى كون الّذين كفروا فاعلا فهو قائم مقام المفعولين والاملاء الامهال أو اطاعة العمر (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) جواب لسؤال