بالبيعة مع محمّد (ص) أو شؤن النّفس المستضيئة بنور الإسلام أو الشّؤن المستعدّة للاستضاءة بنور الإسلام أو الايمان ، أو من قبيل عطف الجمع اى ما ربحوا ما صاروا مهتدين الى طريق النّجاة (مَثَلُهُمْ) في قبول نور الإسلام والاستضاءة به (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) المثل بالتّحريك والمثل بالكسر والإسكان والمثيل كالشّبه والشّبه والشّبيه لفظا ومعنى لكن استعمال المثل بالتّحريك في التشبيه المركّب أكثر ولذا صار اسما للقول السّيّار في العرف العامّ والموصول كالمعرّف باللّام قد يكون لتعريف الجنس وحينئذ يجوز ان يجرى على مفرده حكم الإفراد والجمع كما هنا فانّه أفرد بعض الضّمائر الرّاجعة اليه وجمع بعضها وكما في قوله تعالى (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا) على ان يكون الفاعل عائد الموصول ولم يأت بالعاطف هنا مع أنّه متفرّع على اشتراء الضّلالة مثل الجملتين السابقتين وجعله مستأنفا لجواب سؤال مقدّر تجديدا لنشاط السامع بتغيير الأسلوب ويحتمل ان يكون حالا (فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ) أضائت متعدّ مسند الى ضمير النّار أو لازم مسند الى ما باعتبار كونه بمعنى الأماكن والأشياء الّتى حوله ، أو لازم مسند الى ضمير النّار وما حوله بدل عنه بدل الاشتمال (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ) وحدّ النّور وجمع الظلمة للاشارة الى وحدة حقيقة النّور وانّ الوحدة ذاتيّة للنّور ولغيره بعرض النّور ، وللاشارة الى كثرة الظّلمة وانّ الكثرة ذاتيّة لها ولغيرها عرضيّة ، وسيأتى تحقيق لهذا في اوّل سورة الانعام ان شاء الله والمراد بالظّلمات في الممثّل له ظلمات شؤن النّفس المتراكمة فانّ الإنسان كلّما ازداد بعدا من نور الإسلام ازداد توغّلا في شؤن النّفس المظلمة ، وتعريف النّور بالاضافة وتنكير الظّلمات لما سبق من كون النّور ذاتيّا للإنسان والظّلمة عرضيّة (لا يُبْصِرُونَ) حال أو صفة بحذف العائد أو مستأنف أو مفعول ثان لترك إذا جعل بمعنى صيّر ، أو مفعول بعد مفعول إذا جعل في ظلمات مفعولا ثانيا وترك المفعول لترك القصد اليه كان الفعل جعل لازما أو لقصد التّعميم في المفعول.
(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) قد علمت فيما مضى انّ السّمع والبصر لكل منهما كوّة الى الخارج وكوّتان من جهة الباطن الى عالم الملائكة وعالم الجنّة وكوّتهما الى عالم الملائكة ذاتيّة وكوّتهما الى عالم الجنّة عرضيّة وختمهما عبارة عن سدّ كوّتهما الى عالم الملائكة ، والصّمم والعمى عبارة عن سدّ الكوّتين اللّتين هما الى عالم الملائكة بحيث لا يسمع من المسموعات جهتها الحقّانيّة الّتى تؤدّى الى عالم الملائكة ولا يسمع من عالم الملائكة ولا من الملك الزّاجر ولا يبصر من المبصرات جهتها الحقّانيّة وبعبارة أخرى مدارك الإنسان مسخّرة تحت حكم الخيال فان كان الخيال مسخّرا تحت حكم العاقلة كان إدراكها من الجهة المطلوبة من إدراكها وان كان مسخّرا تحت حكم الشّيطان لم يكن إدراكها من الجهة المطلوبة منها وهكذا حكم اللّسان (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) عن دار الضّلالة الى دار الهدى لعدم سماعهم نداء المنادي لهم الى دار الهدى والى طريق النّجاة ولا صداء الغيلان في دار الضّلالة حتّى يستوحشوا ولعدم أبصارهم موذيات دار الضّلالة ولا ملذّات دار السّعادة ولا طريق الخروج منها الى دار السّعادة ولعدم نطق لهم يستغيثون به بغيرهم ويذكرون مالهم من الآلام حتّى يرحموا والمقصود من التّمثيل الّذى كثر في كلام الله وكلام خلفائه بيان الأحوال الباطنة لأهل الانظار الحسيّة بالأحوال الظّاهرة ولذلك قد يذكر المثل قبل اداة التشبيه وبعدها وقد يذكر نفس الأحوال كما في قوله تعالى (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) اى حال المنافقين في قرع الكلمات المهدّدة المندرجة فيها الرّحمة المستنيرة