من الحمل على أحسن الوجوه الحمل على ما هو أحسن الوجوه بحسب مقام البيان لا الحمل على أحسن الوجوه مطلقا (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) صفة ثانية والفراش واحد الفرش وهو ما يفترش على الأرض للجلوس والاضطجاع عليه ويلزمه الانتفاع به ومطاوعته للإنسان ولمّا كان الأرض منبسطة يمكن الاستقرار والاضطجاع عليها والانتفاع بها أطلق الفراش عليها ، وما نقل عن الرّضا (ع) من قوله جعلها ملائمة لطبائعكم موافقة لأجسادكم ، لم يجعلها شديدة الحمّى والحرارة فتحرقكم ، ولا شديدة البرودة فتجمدكم ، ولا شديدة طيب الرّيح فتصدع هاماتكم ، ولا شديدة النتن فتعطبكم ، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ، ولا شديدة الصّلابة فتمتنع عليكم في دوركم وأبنيتكم وقبور موتاكم ، ولكنّ الله تعالى جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به وتتماسكون وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم ، وما تنتفعون به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم فلذلك جعل الأرض فراشا؛ يدلّ على انّه (ع) اعتبر في وجه الشّبه جميع لوازم الفراش (وَالسَّماءَ بِناءً) سقفا به يحفظكم ويسهّل تعيّشكم على الأرض بتدبيره تعالى وتنظيمه تعالى أسبابه الّتى بها يحصل تمام ما تحتاجون اليه ، (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ) من جهة العلو (السَّماءَ) بالمطر والبرد والثلج فيستقى به قلل جبالكم وتلالكم كما يستقى به وهادكم وجعله بحيث ينتفع به اراضيكم وأشجاركم وزروعكم ولم يجعله قطعة واحدة يفسد أبنيتكم وزروعكم (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ) جمع الثمرة وهي الفاكهة أو مطلق ما يحصل من الزّروع والأشجار (رِزْقاً لَكُمْ) لفظة من للابتداء أو للتبيين أو للتبعيض والجارّ والمجرور حال من رزقا مقدّم عليه ورزقا مفعول به أو لفظة من للتّبعيض والجارّ والمجرور قائم مقام المفعول به ورزقا حال من الثّمرات أو بدل من بعض الثّمرات بدل الاشتمال ، وإذا كان الرّبّ الّذى خلقكم منعما عليكم بعد خلقكم بهذه النّعم ومربّيا لكم بهذه التّربية من تسبيب الأسباب السّماويّة والارضيّة (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) في الوجوب أو الآلهة والتّربية أو العبادة أو الطّاعة أو الاستعانة أو الوجود فانّه حقيق ان يوحّد في الكلّ ، ووضع الظّاهر موضع المضمر للاشارة الى جميع الإضافات اللّازمة للرّبوبيّة فانّ الله اسم للذّات من حيث جميع الصّفات ومن جملة الإضافات التّفرّد بالآلهة واستحقاق العبادة والاستعانة به حتّى يكون كالعلّة للنّهى ، والوجه العامّ في تكرار أسمائه تعالى الالتذاذ بها والنّشاط في ذكرها ، واقتضاء تمكّنها في النّفس ذكرها على اللّسان ، وتحصيل تمكّنها في النّفس بتكرار ذكرها ، وتكرار أسماء الله تعالى في الكتاب المجيد ادلّ دليل على انّ الآتي به لم يكن في وجوده سوى تذكّر معبوده (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ذو والعلم والشّعور ولا يسوّى ذو الشّعور من لا يقدر على شيء بمن يقدر على هذه ، هذا على ان يكون مفعول تعلمون منسيّا ، وامّا إذا قدّر المفعول قدرة الله وعدم قدرة الأنداد فالمعنى وأنتم تعلمون انّ الله يقدر على ذلك وانّ الأنداد لا يقدرون على شيء من ذلك.
(وَإِنْ كُنْتُمْ) عطف باعتبار المعنى يعنى ان كنتم في ريب من الله ووجوب وجوده ومبدئيّته فهذه أوصافه الّتى لا تنكرونها وان كنتم (فِي رَيْبٍ) من الرّسالة و (مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) حتّى تجحدوا رسالته وما قاله هو في التّوحيد وخلع الأنداد (فَأْتُوا بِسُورَةٍ) السّورة من القرآن طائفة من القرآن محدودة مبدوّة ببسم الله الرّحمن الرّحيم أو غير مبدوّة مأخوذة من سور المدينة أو من السّور بمعنى الرّتبة أو من السؤر بالهمزة