مع الإنسان وعطف العرض بثمّ على تعليم الأسماء لآدم (ع) مشعر به ، وورد الخبر انّه عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلّة (فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) الأسماء هاهنا بمنزلة العلم في آدم يعنى أنبئونى بأنموذج كلّ من هؤلاء الحقائق المتكثّرة الموجودة المتضادّة من وجودكم حتّى تستحقّوا الخلافة في المتضادّات والحكومة بين المتفاسدات بالسّنخيّة بينكم وبين المتضادّات ، فانّ الخليفة لا بدّ ان يكون له سنخيّة مع المستخلف عليه وليس في وجود كلّ الّا أنموذج واحد منهم فلا يخبر كلّ منكم الّا باسم واحد منهم فأخبرونى بأسماء الجميع (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في انكار خلافة آدم (ع) واستحقاق خلافتكم فرجعوا الى أنفسهم وأيقنوا انّهم قاصرون عن المجانسة مع الاضداد وعن المحاكمة بين المتخالفات ، وعن العلم بالمتفاسدات ، مقصّرون في الاستعجاب والاستخبار على سبيل الإنكار مفرّطون في ادّعاء التّسبيح مع التّحميد واستحقاق الخلافة دون آدم فاعترفوا بذلك و (قالُوا سُبْحانَكَ) اى تنزّهت تنزّها عن النّقص والعبث وان تسأل عمّا تفعل واقتصروا على التّسبيح لمّا علموا أنّهم لم يدركوا حمده تعالى فانّ الحمد المضاف كما ادّعوه في قولهم ونحن نسبّح بحمدك مستغرق وادراك حمده المستغرق بإدراكه في جميع مظاهره وقد علموا أنّهم عاجزون عن ادراك أكثر مظاهره (لا عِلْمَ لَنا) اى لا اسم في وجودنا من الأسماء (إِلَّا ما عَلَّمْتَنا) الّا اسما أعطيتناه ولمّا توّهم من قولهم : أتجعل فيها الى الآخر ؛ وقولهم : ونحن نسبّح الى الآخر ؛ نسبة العلم والحكمة الى أنفسهم وظهر بعد ذلك عجزهم وانّ علمهم بالنّسبة الى علم الله وحكمته كالعدم نفوا العلم عنهم اصالة واثبتوا قدرا قليلا من العلم لأنفسهم عارية وافادوا التزاما انّ العلم اصالة منحصر فيه تعالى حصر افراد ، وأكّدوا ذلك بإثبات العلم والحكمة له تعالى بطريق الحصر فقالوا (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ولذا لم يأتوا بالعاطف ، والعلم ظهور الشّيء عند العقل بصورته على قول من يجعل العلم الحصولىّ بالصّورة الحاصلة من المعلوم عند العالم ، أو بنفسه كالعلم الحضورىّ كعلمنا بالصّور الحاضرة عندنا ، أو بحقيقته كعلم الحقّ تعالى بالأشياء بالعلم الذّاتىّ ، والحكمة قد تستعمل فيما للقوّة العلّامة وقد تستعمل فيما للقوّة العمالّة ، وقد تستعمل في الاعمّ منهما ، وهو الّلطف في العلم والعمل ؛ والّلطف في العلم عبارة عن ادراك دقايق العلوم والغايات المترتّبة المتعاقبة والّلوازم القريبة والبعيدة ، والّلطف في العمل عبارة عن القدرة على صنع ما يدركه من دقائق المصنوع ، والحكمة العلميّة يعبّر عنها في الفارسيّة «بخرده بيني» والحكمة العمليّة يعبّر عنها «بخرده كارى» والمراد بها هاهنا امّا المعنى الاعمّ أو الحكمة العمليّة فقط (قالَ) تعالى بعد ظهور عجزهم وعدم استحقاقهم للخلافة (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) حتّى يظهر فضلك عليهم واستحقاقك للخلافة دونهم فيظهر عندهم بطلان دعوييهم ؛ انكار استحقاق خلافتك وإثبات استحقاق الخلافة لأنفسهم ، والمراد بالانباء ليس الاخبار بالّلسان بل إظهار الأسماء من وجوده كما عرفت سابقا (فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) ورأوا انّه جامع لأسماء الكلّ بوجوده الجمعىّ ورأوا أنموذج كلّ فيه بل رأوا انّ حقيقة كلّ الأشياء الامكانيّة هو آدم (ع) بوجه ، وانّ كلّ الحقائق منطو فيه بوجه والكلّ رقائق له ، وعرفوا انّ آدم (ع) هو الّذى يستحقّ الخلافة في الأرض وعلى جميع الملائكة (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) عند قولي انّى اعلم ما لا تعلمون (إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الغائب عنكم منهما وهو