اولى بذلك الأمر (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إليهم وهم يغرقون وقد ورد في أخبارنا انّ نجاتهم ونعمهم كانت بتوسّلهم بمحمّد (ص) وآله (ع) والمقصود من ذكر نجاتهم ونعمهم تذكيرهم بتوسّلهم بمحمّد (ص) وآله الطّيّبين حين عدم ظهورهم حتّى يتذكرّوا بأنّ من كان نجاتهم من البلايا ونعمهم بتوسّلهم به حين لم يكن موجودا فالتّوسّل به حين ظهوره اولى وفيه تعريض بالامّة وبنجاتهم ونعمتهم بمحمّد (ص) وآله (ع) وبان لا ينبغي التّخلّف عن قوله ومعاندة آله الّذين كان السّلف بتوسّلهم بهم ينجون ويتنعّمون ، وقصّة خروج موسى (ع) مع بنى إسرائيل من مصر ، وخروج فرعون وجنوده على أثرهم ، وعبور السّبطىّ وغرق القبطىّ مذكورة في المفصّلات ولعلّنا نذكر شطرا منها فيما يأتى.
(وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) كان موسى بن عمران يقول لبني إسرائيل : إذا فرّج الله عنكم أتيتكم بكتاب من ربّكم مشتمل على ما تحتاجون اليه في دينكم ، فلمّا فرّج الله عنهم امره الله عزوجل ان يأتى للميعاد ويصوم ثلاثين يوما فلمّا كان في آخر الايّام استاك قبل الفطر فأوحى الله عزوجل اليه يا موسى : اما علمت انّ خلوف فم الصّائم أطيب عندي من ريح المسك ، صم عشرا آخر ولا تستك عند الإفطار ؛ ففعل ذلك موسى فكان وعد الله تعالى ان يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة فأعطاه ايّاه فجاء السّامرى فشبّه على مستضعفي بنى إسرائيل وقال وعدكم موسى ان يرجع إليكم بعد أربعين ليلة وهذه عشرون ليلة وعشرون يوما تمّت أربعون أخطأ موسى ربّه وقد أتاكم ربّكم ان يريكم انّه قادر على ان يدعوكم بنفسه الى نفسه وانّه لم يبعث موسى لحاجة منه اليه فأظهر لهم العجل الّذى كان عمله ، فقالوا له : كيف يكون العجل آلهنا؟ ـ قال لهم : انّما هذا العجل يكلّمكم منه ربّكم كما كلّم موسى من الّشجرة فالاله في العجل كما كان في الشّجرة فضّلوا وعبدوه. ونقل انّه صنع صورة العجل ووضعه بحيث كان مؤخرّه الى حائط وحبس خلف الحائط بعض مردته فوضع فاه على دبره وتكلّم بما تكلّم فتوهّموا انّ العجل يكلّمهم. ونقل انّ السّامرىّ كان قد أخذ من تراب اثر قدم رمكة جبرئيل يوم غرق فرعون وكان التّراب في صرّة عنده وكان يفتخر على بنى إسرائيل بذلك وكان موسى قد وعدهم ان يأتى بالكتاب بعد الثّلاثين فلمّا انقضى الثّلاثون ولم يرجع موسى أتى الشّيطان بصورة شيخ وقال لهم : انّ موسى قد هرب ولا يرجع إليكم فاجمعوا لي حليّكم حتّى اتّخذ لكم إلها فصاغ لهم العجل وقال للسّامرىّ : هات التّراب الّذى عندك فأتاه به فألقاه في جوف العجل فتحرّك وخار ونبت له الوبر والشّعر (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) نقل انّ اتّخاذهم العجل كان بتهاونهم بالصّلوة على محمّد (ص) وآله (ع) وبترك التّوسّل بهم (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) بتوسّلكم بمحمّد (ص) وآله من بعد ذلك (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعمة العفو ونعمة التّوسّل بمحمّد (ص) وآله (ع) (وَإِذْ آتَيْنا) واذكروا إذ آتينا (مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ) ما به يفرق بين الحقّ والباطل والمحقّ والمبطل والمراد بالكتاب النّبوّة والتّوراة صورتها وبالفرقان الرّسالة أو المراد بالكتاب النّبوّة والرّسالة وبالفرقان الولاية فانّها الفارقة بين الخير والشّرّ والخيّر والشّرير والتّوراة صورتهما ولذا فسّر الكتاب بالتّوراة أو النّبوّة يعنى الّتى كانت في موسى (ع) والفرقان بالإقرار بمحمّد (ص) والطيّبيّن من آله (ع) فانّه كالولاية فارق ، نقل انّه لمّا أكرمهم الله بالكتاب والايمان به أوحى الله الى موسى هذا الكتاب قد أقرّوا به وقد بقي الفرقان فرق ما بين المؤمنين والكافرين فجدّد عليهم العهد به فانّى آليت على نفسي قسما حقّا لا أتقبّل من أحدهم ايمانا ولا عملا الّا به ، قال موسى (ع) : ما هو