حتّى يلزم تفضيلهم على أمّة محمّد (ص) (وَاتَّقُوا يَوْماً) يوم الموت فانّه وقت (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) في رفع الموت أو تأخيره (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) فداء يكون بدلا منها بتحمّل الموت (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) يعنى ان انجرّ الأمر الى المدافعة يوم الموت لم يكن لهم ناصر يدفع عنهم روى عن الصّادق (ع) هذا يوم الموت فانّ الشّفاعة لا تغني عنه فامّا يوم القيامة فانّا وأهلنا نجزى عن شيعتنا كلّ جزاء لنكوننّ على الأعراف بين الجنّة والنّار محمّد (ص) وعلىّ (ع) وفاطمة والحسن (ع) والحسين (ع) والطيّبون من آلهم فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ؛ فمن كان منهم مقصّرا وفي بعض شدائدها نبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار ونظرائهم في العصر الّذى يليهم في كلّ عصر الى يوم القيامة فينقضّون (١) عليهم كالبزاة والصّقور ويتناولونهم كما يتناول البزاة والصّقور صيدها فيزفّونهم الى الجنّة زفّا (٢) وانّا لنبعث على آخرين من محبّينا خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطيّر الحبّ وينقلونهم الى الجنان بحضرتنا ؛ وسيؤتى بالواحد من مقصّرى شيعتنا في أعماله بعد ان قد حاز الولاية والتقيّة وحقوق إخوانه ويوقف بإزائه مائة وأكثر من ذلك الى مائة الف من النّصاب فيقال له هؤلاء فداؤك من النّار فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنّة وأولئك النّصاب النّار ، وذلك ما قال الله عزوجل ربّما يودّ الّذين كفروا يعنى بالولاية لو كانوا مسلمين في الدّنيا منقادين للامامة ليجعل مخالفوهم من النّار فداءهم (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ) اذكروا إذ نجّينا اسلافكم (مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) من سامه الأمر كلّفه وقلّما يستعمل في غير الشّرّ والمراد بسوء العذاب الأعمال الشّاقّة الخارجة عن الطاّقة كانوا يأمرونهم بنقل الطّين واللّبن على السّلاليم مع ان كانوا يقيّدونهم بالسّلاسل أو قوله تعالى (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) بيان لسوء العذاب كانوا يقتلون الذّكور من أولاد بنى إسرائيل طلبا لقتل من أخبر الكهنة والمنجّمون بأنّ خراب ملك فرعون بيده وجعل الله رغم أنفه تربية موسى بيده (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) يستبقون بناتكم للاسترقاق بقرينة المقابلة لذبح الأبناء أو يفتّشون حياء نسائكم يعنى فروجهنّ لتجسّس العيب كالاماء أو لتجسّس الحمل ، وروى انّه ربّما كان يخفّف العذاب عنهم ويسلم أبناؤهم من الذّبح وينشأون في محلّ غامض ويسلم نساؤهم من الافتراش بما أوحى الله الى موسى (ع) من التّوسّل بالصّلوة على محمّد (ص) وآله (ع) الطّيّبين (وَفِي ذلِكُمْ) الإنجاء أو سوم سوء العذاب أو المذكور من الإنجاء وسوم سوء العذاب (بَلاءٌ) نعمة أو نقمة أو امتحان بالنّعمة والنقمة كليهما (مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) والمقصود تذكير بنى إسرائيل بالبلاء العظيم الّذى ابتلى به أسلافهم وتخفيفه بالصّلوة على محمّد (ص) وآله (ع) الطّيّبين ليتنبّهوا انّ من كان التّوسّل بأسمائهم والصّلوة عليهم رافعا لعذابهم ومورثا لنجاتهم وبركاتهم فالتّوسّل بأشخاصهم (ع) كان اولى في ذلك وتنبيه الامّة على شرافة محمّد (ص) وآله (ع) (وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ) من جنود فرعون ومن الغرق (وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ) اى فرعون وقومه فانّ نسبة أمر الى قوم بسبب الانتساب الى رئيسهم تدلّ على انّ المنتسب اليه
__________________
(١) انقض الطير بتشديد الضاد هوى ليقع.
(٢) زفّ العروس هديها.