ابن الله ، عقب عبادتهم الشمس.
واليهود أخذوا منهم هذا الاسم في الطور الثاني ، عند ما كانوا يعتقدون أن أوزيرس ابن الله.
قال : فهذا سر من أسرار القرآن ، لم يكتشف إلا بعد ظهور حقيقة ما كان عليه قدماء المصريين ، في العصر الحديث ، وما كان شيء من ذلك معروفا في الدنيا عند نزول القرآن.
حتى إن أعداء الإسلام كانوا يصوغون من جهلهم بهذه الحقيقة التاريخية شبهة يلطخون بها وجه الإسلام ، ويطعنون بها في القرآن ، فقال اليهود منهم : إن القرآن بقولنا ما لم نقل في كتبنا ولا في عقائدنا ، وأتى دعاة النصرانية منهم ، بما شاء لهم أدبهم من السب والطعن والزراية بالقرآن ، ودين الإسلام ، ونبي الإسلام» (١) ا ه.
وقال الإمام القرطبي في قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ) قال : هذا لفظ خرج على العموم ، ومعناه الخصوص ، لأنه ليس كل اليهود قالوا ذلك ، وهذا مثل قوله تعالى : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) ولم يقل ذلك كل الناس.
قال النقاش : لم يبق يهودي يقولها ، بل انقرضوا ، فإذا قالها واحد ، تلزم الجماعة شنعة المقالة ، لأجل نباهة القائل فيهم ، وأقوال النبهاء أبدا مشهورة في الناس ، يحتج بها ، فمن هاهنا صح أن تقول الجماعة قول نبيهها والله أعلم (٢) ا ه.
* * *
وبهذه المعجزة الغيبية ، عن أمر تاريخي قديم ، كان الناس يجهلونه جهلا تاما عند نزول القرآن ، مما يدلنا دلالة قاطعة على أن هذا الكلام إنما هو كلام عالم الغيب والمحيط به ، لا كلام أمي ، لا علم له بهذه الحقيقة التاريخية ، بل لم
__________________
(١) عن مناهل العرفان ٢ / ٣٨٢.
(٢) القرطبي ٨ / ١١٧.