وهي غشاوة قوية جدا لدرجة أننا لو وضعنا عليها إبرة من حديد فإنها لن تغوص داخل الماء ، بسبب هذه الغشاوة.
وهذه الظاهرة هي التي تسمى بقانون المط السطحي ، الذي يحول دون اختلاط الماء بالزيت ، وهو الذي يفصل بين الماء العذب والماء المالح ، وهو الذي يشير إليه القرآن في قوله تعالى : (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) (١).
فإشارة القرآن إلى وجود هذا الحاجز الذي لا يشاهد بالعين ، لا يدرك بالحس ، في زمن لم يكن الإنسان فيه على أي معرفة بهذا القانون الضابط المكتشف حديثا ، ليدلنا دلالة قاطعة على أن هذا الكلام إنما هو من كلام عالم الغيب ، والمطلع على أسرار الكون ، وعارف الحقائق ، ألا وهو الله الذي أحاط بكل شيء علما.
على أنه يجدر بنا أن نشير هنا إلى نقطة مهمة ، ربما التبست على بعض الناس إلا وهي : أننا عند ما قلنا : إن البرزخ هو قانون المط السطحي ، لم نرد بهذا أن نفسر كلمة البرزخ تفسيرا لغويا ، وإلا لخرجنا عن الضوابط التي رسمناها في أول البحث ، وجعلناها منهجا لنا فيه ، فالبرزخ في اللغة : هو الحاجز بين الشيئين ، ولكننا أردنا أن نبين حقيقة هذا البرزخ الذي أخبر عنه القرآن ، بدليل يقيني لا يمترى فيه ، فكان هذا القانون شارحا لحقيقته العلمية ، وهذا لا يتنافى مع المعنى اللغوي ، بل يبين لنا حقيقته وكيفية تكونه.
__________________
(١) الإسلام يتحدى : ص ١٩٨ ، وموريس بوكاي ، دراسة الكتب المقدسة ص ٢٠٤ ـ ٢٠٦.