وقد مثل هذا التوسع الدائم المستمر ، مثله البروفسور «أيدنجتون» بقوله : «إن مثال النجوم والمجرات كنقوش مطبوعة على سطح بالون من المطاط ، وهو ينتفخ باستمرار ، وهكذا تتباعد جميع الكرات الفضائية عن أخواتها كحركاتها الذاتية ، في عملية التوسع الكوني».
ويقول : إن دائرة المادة كانت ١٠٠ مليون سنة ضوئية في أول الأمر ، وقد أصبحت هذه الدائرة الآن عشرة أمثالها.
وخلاصة القول : أن العلم الحديث اليوم يؤمن بأن هذا الكون واسع جدا ، وأنه كل يوم يزداد اتساعه وبانتظام.
لقد توصل العلماء إلى هذه النظرية التي تكاد تكون عندهم مسلمة ، وعلى الأقل طبقا لمشاهداتهم الحالية ، لقد توصلوا إليها بعد طول بحث ونظر ، وبعد أن تمكنوا من القوانين العلمية ، والضوابط الفلكية ، والوسائل البصرية ، ولو لا هذا لكان من المستحيل عليهم أن يتوصلوا إلى مثل هذا ، وهذا أمر يقيني مسلم في قوانين العقل وضوابطه.
ترى .. ما ذا يقول العلماء المعاصرون ، لو أن إنسانا لا يعرف شيئا عن العلوم الفلكية ، والقوانين العلمية ، ولا يملك شيئا من الوسائل البصرية ، ونشأ في بادية أو شاهق جبل ، ثم بعد هذا أخذ ينطق بنفس القوانين العلمية ، والنظريات الكونية ، في شتى مجالات العلم ، وبنفس النتائج التي توصلوا إليها بعد جهد جهيد ، ودأب طويل ...؟.
لا شك أن مثل هذا الإنسان سوف يكون محل دهشة واستغراب ، ولا بد أن يعزى تصرفه هذا إلى قوى وطاقات وراء طاقات الإنسان وقواه.
بل ما ذا يقولون لو زدنا في هذا الموضوع شيئا أشدّ غرابة ، فقلنا : إنه قال هذا الكلام ، ونطق بنفس النظريات الحديثة قبل أربعة عشر قرنا ، وفي الزمن الذي كان يجهل الإنسان فيه تماما كل شيء عن أصل الكون ، وهو مع هذا أمي لا يقرأ ، ولا يكتب ، ولم يعرف شيئا عن فلسفة اليونان ، وقوانين الرومان ، كما لم يدرس شيئا عن الكون والحياة ..؟!.