ولذلك حاول العلماء أن يضعوا تصورا لهذا الكون يتناسب على الأقل مع طاقاتهم ومشاهداتهم ، مع اعترافهم بأن هذا التصور ليس حلا للغز الكون في سعته وعظمته ، وليس كشفا للحقيقة اليقينية.
فقالوا : إن هذا الكون ليس واسعا فقط ، وإنما هو يتوسع دائما وبانتظام.
ولكي نفهم سعته وتوسعه قالوا : يجب أن نتصور طائرة خيالية تسير بسرعة ٠٠٠ ، ٣٠٠ كم في الثانية ، أي بسرعة الضوء ، وأن هذه الطائرة الخيالية تطوف بنا حول الكون الموجود الآن ، فإن هذه الرحلة الخيالية سوف تستغرق ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١ ألف مليون سنة.
يضاف إلى هذا أن هذا الكون ليس بمتجمد ، وإنما هو يتوسع كل لحظة ، حتى أنه بعد ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٣٠٠ ، ١ مليار وثلاثمائة مليون سنة تصير هذه المسافة الكونية ضعف المسافة الحالية.
وهكذا لن تستطيع هذه الطائرة الخارقة في سرعتها الخيالية أن تكمل دورانها حول هذا الكون أبدا ، وإنما سوف تظل تواصل رحلتها في نطاق هذا التوسع الدائم في الكون.
وهذه هي نظرية أينشتين عن الكون (١).
والذي دفعهم للقول بتوسع الكون هو مشاهداتهم التي رأوا فيها أن السدم الخارجية أو «الجزر الكونية» تبدو أنها تتباعد عن مجموعتنا الشمسية ، كما أنها تتباعد بعضها عن بعض بانتظام.
فقد لاحظ الدكتور «هايل» رائد الباحثين في السدم ، لاحظ أن هناك نزعة واحدة تسود هذه المجموعات النجمية الشاسعة البعد ، وهي أنها أميل إلى الإدبار عنا منها إلى الإقبال ، كما لاحظ أن سرعة الإدبار تزيد بازدياد أبعاد هذه الجزر الكونية (٢).
__________________
(١) الإسلام يتحدى : ص ٧٦.
(٢) انظر : كتاب الشمس للدكتور جامو.