فإن العلماء اليوم بعد دراسة اتجاهات ذرات الحجارة ـ يستطيعون تحديد موقع أي بلد وجدت به هضبة تلك الحجارة في الزمن القديم.
وقد أكدت هذه الدراسة في «الجاذبية الأرضية» أن أجزاء الأرض لم تكن موجودة في القديم بالأمكنة التي توجد بها اليوم ، وإنما كانت في ذلك المكان الذي تحدده «نظرية تباعد القارات».
وفي هذا الأمر يقول البروفسور «بلاكيت» :
إن دراسة أحجار الهند تبين أنها كانت توجد في جنوب خط الاستواء ، قبل سبعين مليون سنة ، وهكذا تثبت دراسة جبال جنوب إفريقيا أن القارة الإفريقية انشقت عن القطب الجنوبي قبل ثلاثمائة مليون سنة (١).
لم تكن هذه النظرية معروفة عند القدماء ، لا من قريب ولا من بعيد ، لا في الواقع ولا في الخيال ، ولذلك يستحيل على البشر ، مهما أوتي من العبقرية والذكاء أن ينطق بها أو بما يدل من قريب أو بعيد عليها.
فإذا قرأنا قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها ، أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) (سورة النازعات : آية ٢٠ ـ ٢١).
وإذا عرفنا أن معنى الدحو إجمالا هو النثر والتسوية ، إذ يقال : دحى المطر الحصى عن وجه الأرض : أي كشفه.
ويقال للاعب بالجوز : أبعد المدى وادحه : أي ارمه وأزله عن مكانه (٢).
ويقال للفرس : مر يدحو دحوا ، وذلك إذا رمى بيده رميا.
والمدحاة ، كمسحاة ، خشبة يدحو بها الصبي ، فتمر على الأرض ، لا تأتي على شيء إلا اجتحفته (٣).
__________________
(١) الإسلام يتحدى : ص ٢٠٧.
(٢) أساس البلاغة ص ١٨٤ ، مادة (دحو) وفيه خلق الله الأرض مجتمعة ثم دحاها : أي بسطها ، ومدّها ووسّعها.
(٣) انظر المجمل ١ / ٣٤٨ لابن فارس واللسان مادة (دحا).