لوجوده (١) مع أنه محال (٢) ليس مما نحن فيه (٣)).
يريد بيان استحالة الدور والتسلسل ، وعبر عنهما بعبارة جامعة ، وهي أن يتراقى (٤) عروض العلية والمعلولية لا إلى نهاية ، بأن يكون كل ما هو معروض للعلية ، معروضا للمعلولية ، ولا ينتهي إلى ما تعرض له العلية دون المعلولية فإن كانت المعروضات متناهية فهو الدور بمرتبة ، إن كانا اثنتين ، وبمراتب إن كانت فوق الاثنتين ، وإلا فهو التسلسل ، أما بطلان الدور فلأنه يستلزم تقدم الشيء على نفسه ، وهو ضروري الاستحالة.
وجه الاستلزام أن الشيء إذا كان علة لآخر كان متقدما عليه ، وإذا كان الآخر علة له ، كان متقدما عليه. والمتقدم على المتقدم على الشيء متقدم على ذلك الشيء ، فيكون الشيء متقدما على نفسه ، ويلزمه كون الشيء متأخرا عن نفسه ، وهو معنى احتياجه إلى نفسه ، وتوقفه على نفسه ، والكل بديهي الاستحالة ، وربما يبين بأن التقدم أو التوقف أو الاحتياج نسبة لا تعقل إلا بين اثنين ، وبأن (٥) نسبة المحتاج إليه إلى المحتاج الوجوب وعكسها وتوقف الإمكان والكل ضعيف (٦). لأن التغاير الاعتباري كاف.
فإن قيل : إن أريد بتقدم الشيء على نفسه التقدم بالزمان فغير لازم في العلة أو بالعلية ، فنفس المدعى. لأن قولنا لشيء لا يتقدم على نفسه بالعلية بمنزلة قولنا : الشيء لا يكون علة لنفسه.
قلنا : المراد التقدم بالمعنى الذي يصحح قولنا : وجد فوجد على ما هو
__________________
(١) فيصدق أن الشيء كان علة لما هو علة له ولا يلزم في ذلك تقدم الشيء على وجود نفسه بل اللازم فيه.
(٢) محال في نفسه.
(٣) بتقدير تسليمه الذي نحن فيه والدور توقف الشيء على نفس ما يتوقف عليه لا توقف الشيء على نفس ماهية غيره.
(٤) في (ب) بتوالي بدلا من (يتراقي).
(٥) سقط من (ب) و (ج) حرف (أن).
(٦) في (أ) لا يرقي بدلا من (ضعيف).