محل النزاع ، وكأنه مراد أبي هاشم).
قال : المبحث الثانى : قد يكون من الضروريات ما يشتبه على بعض الأذهان فيورد(١) في المطالب العالية ، ونذكر في معرض الاستدلال ما ينبه على مكان الضرورة ، أو يفيد بيان(٢) الكمية كامتناع قيام العرض بأكثر من محل واحد ، فإن الضرورة قاضية بأن العرض القائم بهذا المحل يمتنع أن يكون هو بعينه القائم بمحل آخر ، إلا أنه بين كميته بأن تشخص ذلك (٣) العرض إنما هو بالمحل يعنى أن محله مستقل بتشخصه ، فلو قام بمحلين لزم اجتماع العلتين المستقلتين على معلول واحد وهو تشخص ذلك العرض ونبه عليه بأن حصول العرض الواحد فى محلين كحصول الجسم الواحد فى مكانين فلو جاز ذلك لزم جواز هذا وهو ضرورى البطلان ، وبأنه لو جاز قيام العرض الواحد بمحلين لما حصل الجزم بأن السواد القائم بهذا المحل غير السواد القائم بذلك ، لجواز أن يكون سوادا واحدا قائما بهما ، واللازم باطل بالضرورة ، وقد يكون منها ما لا يحتاج إلى التنبيه أيضا ، كامتناع قيام العرض بنفسه ، فالقول به كما نقل عن أبي الهذيل أن الله تعالى مريد بإرادة عرضية حادثة ، لا في محل يكون مكابرة محضة ، بخلاف قيام العرض الواحد بمحلين ، ولهذا جوزه بعض القدماء من المتكلمين الفلاسفة (٤) زعما منهم أن القرب قائم بالمتقاربين والجوار بالمتجاورين ، والإخوة بالأخوين ، إلى غير ذلك من الإضافات (٥) المتحدة فى الجانبين ، بخلاف مثل الأبوة ، والبنوة ، فإن قيام الأبوة بالأب ، والبنوة بالابن. ورد بأنا لا نسلم أن الواحد بالشخص قائم بالطرفين بل القائم بكل منهما فرد مغاير للقائم بالآخر ، غاية الأمر تماثلهما واتحادهما بالنوع ، ولا يلزم من اشتراك النوع اشتراك الشخص ، وهذا كالإضافات المتخالفة مثل الأبوة والبنوة ، فإن مغايرة القائم بهذا القائم بذاك فى غاية الظهور ، وجوزه ابو هاشم من المعتزلة زعما منه أن التأليف عرضي قائم بجوهرين ، ويمتنع قيامه (٦) بأكثر من جوهرين حتى إنه إذا ألف بين
__________________
(١) في (ب) فهو رد وهو تحريف.
(٢) في (ب) بعيد بدلا من (يفيد).
(٣) في (ب) شخص بدلا من (تشخص).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (الفلاسفة).
(٥) في (ب) الأوصاف بدلا من (الإضافات).
(٦) في (أ) بزيادة لفظ (قيامه).