الشيء قبل وجوده ، بمعنى كون ذلك الشيء في ذلك الموضوع أو معه بالقوة ، فهو صفة للموضوع من حيث هو (١) فيه كعرض في موضوع وصفة للشيء من حيث هو بالقياس إليه كإضافة المضاف إليه ، وإن لم يكن ذلك الشيء مما يتعلق وجوده بالغير ، بل يكون قائما بنفسه (٢) من غير تعلق بموضوع ، أو مادة ، فمثله لا يجوز أن يكون حادثا ، وإلا لكان إمكانه قبل حدوثه قائما بنفسه ، إذ لا علاقة له بشيء من الموضوعات ليقوم به ، وهو محال لأنه عرض لا جوهر ، وضعف هذا الوجه ظاهر ، لأن الإشكال عائد ، ولأنه لو ثبت أن إمكان الحادث عرضي يستدعي محلا ، أو استدل على ذلك استدلالا فاسدا. بأنه لو لم يكن إمكان الحادث أمرا موجودا لم يكن للحادث إمكان وجود ، فلم يكن ممكن الوجود على ما في الشفاء (٣) ، لم يحتج إلى ذكر (٤) من التفاصيل.
وثانيهما : أن المراد الإمكان الاستعدادي ، والدليل قائم على ثبوته لكل حادث وتقريره أن العلة التامة للحادث ، لا يجوز أن تكون ذات القديم وحده ، أو مع شرط قديم ، وإلا لزم قدم الحادث ، لأن المعلول دائم بدوام علته التامة بالضرورة ، لما في التخلف من الترجح بلا مرجح ، بل لا بد من شرط حادث ، وحدوثه يتوقف على شرط آخر حادث ، وهكذا إلى غير النهاية ، ويمتنع توقف الحادث على تلك الحوادث جملة لامتناع التسلسل ، ولأن مجموعها بحدوثه ، يفتقر إلى شرط آخر حادث ، فيكون داخلا خارجا ، وهو محال. بل لا بد من حوادث متعاقبة ، يكون كل سابق منها معدا لللاحق من غير اجتماع في الوجود كالحركات ، والأوضاع الفلكية ، ويحصل بحسبها للحادث حالات مقربة إلى الفيضان من العلة هي استعداداته المتفاوتة في
__________________
(١) في (ب) كونه بدلا من (هو فيه).
(٢) سقط من (أ) لفظ (نفسه).
(٣) كتاب الشفاء في المنطق : لأبي علي حسين بن عبد الله المعروف بابن سينا المتوفى سنة ٤٢٨ ه. قيل في ثمانية عشر مجلدا شرحه أبو عبد الله محمد بن أحمد الأديب التيجاني. قال الشيخ أبو سعيد أبو الخير :
قطعنا الأخوة عن معشر |
|
بهم مرض من كتاب الشفا |
فماتوا على دين رسطاليس |
|
وعشنا على سنة المصطفى |
(٤) في (ب) إلى ما ذكر.