قال : فزعمت الأشاعرة (١) القوم ، وإن ادعى بعضهم ظهور آنية الزمان ، فقد اتفقوا على خفاء ماهيته.
فقال كثير من المتكلمين هو متجدد معلوم مقدر به متجدد غير معلوم كما يقال : آتيك عند طلوع الشمس ، وربما يتعاكس بحسب علم المخاطب حتى لو علم وقت قعود عمرو ، فقال : متى قام زيد؟ يقال في جواله : حين قعد عمرو.
ولو علم وقت قيام زيد فقال متى قعد عمرو يقال في جوابه حين قام زيد ولذلك يختلف تقدير المتجددات باختلاف ما يعتقد المقدر ظهور عند المخاطب كما تقول العامة للعامة (٢) اجلس يوما ، والقارئ اجلس قدر أما تقرأ الفاتحة ، والكاتب قدر ما تكتب صحيفة ، والتركي قدر ما ينضج مرجل (٣) لحم ، ولا يخفى إذ ليس في هذا التفسير إفادة تصور ماهية الزمان ، وأما الفلاسفة فذهب أرسطو (٤) وأشياعه إلى أنه مقدار حركة الفلك الأعظم ، واحتجوا على ذلك بأنه مقداري أي كم متصل ، أما الكمية فلقبوله المساواة واللامساواة فإن زمان دورة من الفلك مساو لزمان دورة أخرى منه ، وأقل من زمان دورتين ، وأكثر من زمان نصف دورة ، وأما الاتصال فإنه لو كان منفصلا لانتهى إلى ما لا ينقسم أصلا كوحدات العدد لأن هذا حقيقة الانفصال فيكون تألفه من الآنات المتتالية ، ويلزم منه الجزء الذي لا يتجزأ لانطباقه على الحركة المنطبقة على المسافة ، ثم
__________________
(١) راجع ترجمة وافية عن الأشاعرة في الجزء الأول.
(٢) في (أ) بزيادة لفظ (للعامة).
(٣) في (أ) ما ينطبخ بدلا من (ينضج).
(٤) أرسطو : ولد عام ٣٨٤ ق. م وتوفي عام ٣٢٢ ق م ، تتلمذ على الفيلسوف اليوناني أفلاطون في أثينا وتتلمذ على يديه اسكندر الأكبر المقدوني ، ثم انصرف إلى التعليم والتأليف في شتى فنون المعرفة ، وسمى تلاميذه بالرواقيين أو المشائين. عرف المسلمون العرب أرسطو منذ أن اتصلوا بالروم ، وفي رواية أن مؤلفاته كانت محفوظة في الاسكندرية وأنها نقلت فيما نقل من المحفوظات اليونانية إلى أنطاكية في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز ، ولكن من المحقق أن مؤلفاته لم تنقل إلا في عهد المأمون وقسمها العرب إلى أربعة أقسام هي : المنطقيات ، والطبيعيات ، والإلهيات ، والخلقيات.
راجع القاموس الإسلامي ص ٦٦ و ٦٧ بتصرف).