إلى بالطبع ، فينحصر التقدم بالحقيقة فيما بالذات وما بالطبع (١)).
احتجوا على كون الحادث مسبوقا بالزمان بوجهين :
أحدهما : أنه لا بد له من سبق حوادث متعاقبة ، بمعنى حصول هذا بعد حصول ذاك ، بحيث لا يجتمع المتقدم والمتأخر ، وما ذاك إلا بالزمان.
وثانيهما : أنه لا معنى للحادث إلا ما يكون وجوده مسبوقا بالعدم ، وظاهر أن سبق عدم الشيء على وجوده لا يعقل إلا بالزمان ، وهذا التقرير لا يبتني على أن التقدم أمر وجودي ، وأنه هو الزمان حتى يرد الاعتراض بأنا لا نسلم أنه وجودي ، بل اعتباري يعرض للعدم أيضا ، والحاكم بثبوته الوهم وحكمه مردود ، كما في تحيز الباري حيث يحكم به الوهم ، بناء على أن ما يشاهد من الموجودات متحيزة ، وإنما يبتنى على صحة الحكم بأن هذا متقدم على ذلك كقدم (٢) الحادث على وجوده ، ولا خفاء في أنه حكم عقلي ضروري ، والزمان معروض التقدم لا نفسه.
والجواب : أن مبنى الأول على افتقار كل حادث إلى سبق حوادث متعاقبة ، وقد مر ما فيه.
ومبنى الثاني : على ما ذهب إليه الفلاسفة من أن أقسام التقدم والتأخر والمعية منحصرة بحكم الاستقراء في خمسة ، بمعنى (٣) أن كلا منها يكون إما بالعلية ، كتقدم حركة اليد على حركة المفتاح ، وإما بالطبع كتقدم الجزء على الكل ، وإما بالزمان كتقدم الأب على الابن ، وإما بالشرف كتقدم المعلم (٤) على المتعلم ، وإما بالرتبة وهي قد تكون حسية بأن يكون الحكم بالترتيب ، وتقدم البعض على البعض مأخوذا من الحس لكونه في الأمور
__________________
(١) إذ الطبعي ما يكون فيه المتقدم معه الحصول المتأخر كالجزء مع الكل.
(٢) في (ب) كعدم الحادث بدلا من (كقدم).
(٣) في (ب) يعني بدلا من (بمعنى).
(٤) في (ب) العالم بدلا من (العلم).