لئلا يلزم اجتماع جسمين (١) في حيز واحد (٢) ، وهذا هو المعنى بدور المعية ، وإن أريد التوقف بمعنى احتياج كل إلى الآخر احتياج المسبوق إلى السابق ، حتى يكون دور تقدم (٣) فلا نسلم لزومه ، وما ذكرتم لا يفيد ذلك وربما يمنع ابتناء التخلخل والتكاثف ، على تحقق الهيولي أو فرج الخلاء.
الثالث : أنه لو لم يوجد الخلاء لكان كل سطح ملاقيا لسطح آخر لا إلى نهاية ، لأن معنى تحقق الخلاء ، كون الجسم بحيث لا يماسه جسم آخر ، واللازم باطل. لما سيجيء من تناهي الأجسام ، وأجيب بمنع اللزوم ، بل تنتهي الأجسام إلى سطح ، لا يكون فوقه شيء ، والعدم الصرف ليس فراغا يمكن أن يشغله شاغل ، على ما هو المراد بالخلاء المتنازع فيه :
الرابع : إنا نشاهد أمورا تدل على تحقق الخلاء قطعا.
منها : أن القارورة إذا مصت جدا ، بحيث خرج ما فيها من الهواء ، ثم كبت (٤) علىالماء تصاعد إليها الماء ، ولو لم تصر خالية ، بل كان فيها ملء لما دخلها الماء كما قبل المص ، ومنها أن الزق إذا ألصق أحد جانبيه عن الآخر بالآخر. (بحيث لا يبقى بينهما هواء ، وسد رأسه وجميع مسامه بالقار ، بحيث لا يدخل الهواء من خارج ، فإذا رفعنا أحد جانبيه عن الآخر) (٥). حصل فيه الخلاء ، ومنها أن الزق إذا بولغ في تمديده وتسديد مسامه ، ثم نفخ فيه بقدر الإمكان فإذا غرز فيه مسلة ، بل مسلات فإنها تدخله بسهولة ، فلو لم يكن فيه خلاء (٦) لما دخلت ، لامتناع التداخل ، ومنها أن ملء الدن من الشراب إذا جعل في زق ، ثم جعلا في ذلك الدن فإنه يسعهما ، ولو لم يكن في الشراب فرج خلاء بقدر الزق لما أمكن ذلك.
__________________
(١) في (آ) الجسمين.
(٢) سقط من (ب) لفظ (واحد).
(٣) في (أ) مقدم بدلا من (تقدم).
(٤) في (ب) كب بدلا من (كبت).
(٥) ما بين القوسين سقط من (أ).
(٦) سقط من (أ) كلمة (خلاء).