ذات أجزاء بينهما فرج (١) خلاء قد تقاربت تلك الأجزاء بحيث حصل خلاء ، يسع الجسم المتحرك ، فيلزم الخلف ، لتحقق الخلاء على تقدير عدمه. هذا إن استقر الجسم الشاغل للمكان الثاني في مكانه ، وإن انتقل عنه فإما إلى المكان الأول فيلزم الدور لتوقف انتقال كل إلى مكان الآخر ، على انتقال الآخر عن مكانه لامتناع الاجتماع ، وتوقف انتقاله عنه على انتقال الأول إليه ، لئلا يلزم خلوه ، وإما إلى مكان آخر فيلزم تصادم الأجسام بأسرها ، وتعاقب الحركات (٢) لا إلى نهاية ، ويؤول إلى الدور ضرورة تناهي الأجسام ، وبعض هذه الترديدات تجري في المكان الذي ينتقل عنه الجسم ، فإنه إما أن يبقى خاليا ، أو يصير مملوءا ، بانتقال جسم آخر إليه ، أو يتخلخل ما حوله من الأجسام بطريق ثبوت الهيولي أو فرج الخلاء ، فتعين أن يكون المكان الذي ينتقل إليه الجسم ، إما خلاء محضا وإما مملوءا بجسم فيه فرج خلاء يقل وتتقارب الأجزاء فيحصل للجسم المنتقل إليه (٣) مكان ، وتكون حركة السمكة في البحر من هذا القبيل. فلا ترد نقضا على ما ذكرنا من الدليل ، وأجيب بأن دليل إبطال الهيولي لا يتم لما سيأتي ، بل غاية الأمر القدح في مقدمات إثباتها ، وهو لا يفيد في معرض الاستدلال ، ولو سلم فإن أريد بتوقف انتقال كل من الجسمين إلى مكان الآخر على انتقال الآخر إلى مكانه امتناع كل منهما بدون الآخر كما في المتضايفين ، فلا نسلم استحالته ، لجواز أن لا يكون بصفة التقدم ، بل المعية كما في عصامير الدولاب ، فإن انتقال كل منها إلى حيز السابق يتوقف على انتقال اللاحق إلى حيز (لئلا يلزم الخلاء بل التفلك يتوقف على انتقاله إلى حيز وانتقال اللاحق إلى حيز السابق) (٤)
__________________
(١) الفرجة بالضم : فرجة الحائط وما أشبه ، يقال بينهما فرجة أي انفراج ، وفي الحديث : لا يترك في الإسلام (فرج). قال الأصمعي : هو بالحاء وأنكر الجيم. وقال أبو عبيد : قال محمد بن الحسن : يروى بالجيم والحاء ومعناه بالجيم القتيل يوجد بأرض فلاة لا عند قرية ، يقول : يؤدي من بيت المال. وقال أبو عبيدة : هو الذي لا يوالي أحدا فإذا جنى جناية كانت في بيت المال لأنه لا عاقلة له.
(٢) في (ب) وتفاوت.
(٣) سقط من (أ) لفظ (إليه).
(٤) ما بين القوسين سقط من (أ).