الحرارة الغريزية ، فإنها آلة للطبيعة تدفع ضرر الحار الوارد بتحريك الروح إلى دفعه ، وضرر البارد الوارد بالمضادة.
وأجاب الإمام : بأن تلك المقاومة إنما هي من جهة أن الحرارة الغريبة تحاول التفريق ، والغريزية أفادت من النضج والطبخ ما يتعبر عنده كالحرارة الغريبة تفريق تلك الأجزاء ، وبالجملة يجوز أن تكون هي الحرارة السماوية أو النارية ، ومستند آثاره المختصة بها إلى خصوصية حصولها في البدن المعتدل ، أو صيرورتها جزءا من المزاج الخاص.
(قال : وأورد على اعتبار الالتصاق أنه يوجب كون العسل (١) أرطب من الماء فدفع بأن المراد سهولة الالتصاق ، بل مع سهولة الانفصال ، وعلى اعتبار سهولة التشكل أنه يوجب رطوبة النار ، وكون اللين في (٢) الرطوبة.
وأجيب بمنع سهولة التشكل في النار البسيطة ، وبأن اللين كيفية تقتضي قبول الغمز إلى الباطن مع عسر تفرق الأجزاء ، وفي كون اللين والصلابة من الملموسات ، أو الاستعدادات تردد).
قال : وأورد المذكور في كلام بعض المتقدمين أن الجسم إنما كان رطبا إذا كان بحيث يلتصق بما يلامسه ، وفهم منه أن الرطوبة كيفية تقتضي التصاق الجسم ، ورده ابن سينا ، بأن الالتصاق لو كان للرطوبة لكان الأشد رطوبة أشد التصاقا ، فيكون العسل أرطب من الماء ، بل المعتبر في الرطوبة سهولة قبول الشكل وتركه ، فهي كيفية بها يكون الجسم سهل التشكل (٣) ، وسهل الترك للشكل. وأجاب الإمام بأن المعتبر فيها سهولة الالتصاق ويلزمها(٤) بالغير سهولة
__________________
(١) العسل : سائل حلو لزج ناتج من رحيق الأزهار الذي يلعقه النحل الشغال بألسنته ويحمله في حويصلات إلى الخلية ، وتحول الأنزيمات الموجودة في معدة النحل الرحيق إلى سكر العسل ، والعسل الأسود هو السائل الأحمر المتخلف من صناعة سكر القصب أو سكر البنجر بعد تركيز السكروز من العصير وبلورته ثم فصل بلوراته بآلات الطرد المركزي.
(٢) في (أ) و (ب) هي بدلا من (في).
(٣) في (ب) الشكل بدلا من (التشكل).
(٤) سقط من (ب) ويلزمها.