وذهب الأستاذ أبو إسحاق إلى أن الجواهر الفردة متجانسة لا تتفاوت في الثقل والخفة ، وإنما تفاوت الأجسام في ذلك عائد إلى كثرة الجواهر الفردة في الثقيل ، وقلتها في الخفيف.
ورد بعد تسليم التجانس بأنه يجوز أن يحدث في المركب من الأجزاء القليلة صفة الثقل ، والكثيرة صفة الخفة ، لمحض إرادة المختار ، أو بغيرها من الأسباب ، كسائر الأعراض من الألوان والطعوم وغيرها ، وقد يستدل على بطلان الرأيين بأن الزق الواحد يسع من الزئبق أضعاف ما يسع من الماء ، فالزئبق أثقل من الماء بكثير ، مع زيادة الماء في الرطوبة بالاتفاق ، وتساويهما في الأجزاء في الصورة المفروضة ، وهي أن تملأ الزق ماء ثم يفرغ فيملأ زئبقا ، إذ لو كان أجزاء الزئبق أكثر لزم أن يكون فيما بين أجزاء الماء فرج خلاء بقدر زيادة وزن الزئبق على وزن الماء ، وأن يحس في زق الماء بالأحياز الفارغة أضعاف ما يحس به من المملوءة.
هذا بعد تسليم وجود الخلاء ، وعدم انحدار الماء بالطبع إلى الحيز الخالي بناء على إرادة القادر المختار.
أو أن في الخلاء قوة دافعة ، ويمكن أن يقال : لا يحس بها لغاية الصغر ، مع فرط الامتزاج بالأجزاء الماهية.
(قال : ومنع القاضي تعدد الاعتمادات ، حتى زعم أن في الجسم كيفية واحدة تسمى بالنسبة إلى السفل ثقلا ، وإلى العلو خفة ، وبعضهم تضادها لما أنها تجتمع كما في الحجز المجاذب علوا وسفلا ، والجبل المتجاذب يمينا وشمالا.
والحق أن الطبيعيين متضادان وأن تضاد بين الطبيعي وغيره ، كما في الحجز الذي يرفع ، وأما غير الطبيعي فقيل المختلفان منه متضادان لماله من أن (١) المبدأ القريب مبدأ (٢) للحركة ، فيلزم من اجتماع الاعتمادين المختلفين
__________________
(١) في (ج) بزيادة لفظ (أن).
(٢) سقط من (أ) و (ب) لفظ (مبدأ).