اجتماع الحركتين بالذات إلى جهتين ، وهو محال.
ورد بأنه ليس من (١) تمام العلة ، كيف وقد اجتمعا في الحبل المتجاذب إلى الجانبين ، وقد يقال لا مدافعة ، وإنما هو كالساكن الذي يمتنع عن التحرك).
قال : ومنع القاضي. اختلف أصحابنا القائلون بالاعتماد. فذهب القاضي إلى أن الاعتماد في كل جسم أمر واحد ربما يتعدد أسماؤه بحسب الاعتبار ، حتى يسمى بالنسبة إلى العلو خفة ، وإلى السفل ثقلا. وليس له بالنسبة إلى الجهات الأخر اسم خاص ، فما نقل عنه من جواز اجتماع الاعتمادات فمعناه جواز أن يفرض لذلك الأمر الاعتبارات المختلفة والإضافة إلى الجهات الست ، وذهب بعضهم إلى أنها متعددة متضادة لا يقوم بجسم اعتمادان بالنسبة إلى جهتين ، وبعضهم إلى أنها متعددة غير متضادة ، لأن من جذب حجرا ثقيلا إلى جهة العلو فإنه يحس منه اعتماد إلى جهة السفل ، ولو جذبه غيره إلى جهة السفل يحس منه اعتماد إلى جهة العلو ، ولأن كلا من المتجاذبين جبلا على التقاوم ، والتساوي في القوة يحس من الحمل ، اعتمادا إلى خلاف جهته ، والحق أن الاعتمادين الطبيعيين أعني الثقل والخفة متضادان ، لا يتصور اجتماعهما في شيء واحد ، باعتبار واحد وأنه لا تضاد بين الاعتماد الطبيعي وغير الطبيعي ، كما في الحجر الذي يرفع إلى فوق ، فإن الرفع يحس مدافعة هابطة ، والرفع مدافعة صاعدة ، وأما غير الطبيعي من الاعتماد فقيل : المختلفان منه متضادان كالاعتماد يمنة ويسره ، لأنه مبدأ قريب للحركة ، فلو جاز الاعتمادان معا لجاز الحركتان بالذات معا ، لاستلزام وجود المؤثر وجود الأثر ويلزم منه جواز كون الجسم في آن واحد في حيزين ، وإنما قيد بالذات لأنه لا يمتنع حركتان إلى جهتين ، إذا كانت إحداهما بالذات والأخرى بالعرض كراكب السفينة يتحرك إلى خلاف الجهة التي تتحرك إليها السفينة ، وهذا معنى ما قال الجبائى : إن الحركتين إلى جهتين متضادتان. وكذا
__________________
(١) في (ج) بزيادة حرف الجر (من).