باب الاعتماد منها : ما قال الجبائى : إن في الهواء اعتمادا صاعدا لازما لما يشاهد في الزق المفتوح المقسور تحت الماء ، أنه إذا شق خرج الهواء صاعدا ، وشق الماء بل لو زال القاصر الهواء بالزق ، وما تعلق به من الثقل.
لا يقال : يجوز أن لا يكون ذلك لصعوده اللازم ، بل لضغط الماء إياه ، وإخراجه من حيزه بثقل وطأته ، لأنا نقول : لو لم يكن في طبعه الصعود والطفو على الماء لما زاد ثقل وطأة الماء إلا استقرارا وثباتا كسائر الأثقال ، سيما إذا بقي الزق مشدودا.
قال أبو هاشم : ليس للهواء اعتماد لازم ، ولو كان في طبعه صعودا لا نفصل عن أجزاء الخشبة التي في الماء ، وصعد دون الخشبة ، إذ لا سبب عند الجبائى لصعودها وطفوها سوى تخلخل أجزائها ، وتشبث الهواء بها ، لا يقال : يجوز أن يفيده التركيب حالة موجبة للتلازم ، وعدم الانفصال ، سيما وهو هواء لم يبق على كيفيته المقتضية للانفصال ، لانكسار سورتها بالامتزاج ، لأنا نقول : الكلام في الأجزاء الهوائية المجاورة للأجزاء الخشبية لا التي صارت جزء الممتزج كما في سائر المركبات على ما يراه الفلاسفة ، فالأقرب أن يقال : إن احتباسها فيما بين الأجزاء الخشبية منعها الانفصال ، وأوجب الاستتباع ، ومنها ما قال الجبائى : إن الاعتماد غير باق ، لازما كان أو مختلفا ، وقال أبو هاشم : بل اللازم باق بحكم المشاهدة ، كما في الألوان والطعوم ، تمسك الجبائي بأن الإنسان إذا تحامل على حجر هابط فاعتماد المختلف غير باق فكذا اللازم ، لاشتراكهما في أخص أوصاف النفس ، أعني كونه اعتمادا هابطا ، وبأن ما لا يبقى من الأعراض كالأصوات وغيرها ، لا فرق فيها بين المقدور وغير المقدور ، فكذا في الاعتمادات التي مختلفها مقدورا ، ولازمها غير مقدور.
ورد الأول بمنع كون أخص الأوصاف الاعتماد الهابط ، بل الاعتماد اللازم ، والثاني بأنه تمثيل بلا جامع ، ومنها ما قال الجبائى : إن الاعتماد لا يولد حركة ولا سكونا ، وإنما يولد هما الحركة ، فان من فتح بابا ، أو رمى