زعم بعضهم أنه لا حقيقة للون أصلا ، والبياض إنما يتخيل من مخالطة الهواء للأجسام الشفافة المتصغرة جدا ، كما في الثلج فإنه لا سبب هناك سوى مخالطة الهواء ونفوذ الضوء في أجزاء صغار (١) جهدية شفافة ، وكذا في زبد الماء ، والمسحوق من البلور والزجاج الصافي ، والسواد يتخيل من عدم غور الضوء (٢) في الجسم لكثافته ، واندماج أجزائه ، وباقي الألوان تتخيل بحسب اختلاف الشفيف ، وتفاوت مخالطة الهواء وقد يسند السواد إلى الماء نظرا إلى أنه يخرج الهواء ، فلا يكمل نفوذ الضوء إلى السطوح ولهذا يميل الثوب المبلول إلى السواد ، والمحققون على أنها كيفيات متحققة لا متخيلة وظهورها في الصور المذكورة بالأسباب المذكورة ، ولا ينافي تحققها ، ولا حدوثها بأسباب أخر على ما قال ابن سينا : إنه لا شك في اختلاط الهواء بالمشف سبب لظهور اللون الأبيض ، ولكنا ندعي أن البياض قد يحدث من غير هذا الوجه كما في البيض المسلوق فإنه يصير أشد بياضا مع أن النار لم تحدث فيه تخلخلا وهوائية ، بل أخرجت الهوائية عنه ، ولهذا صار أثقل ، وكما في الدواء المسمى بلبن العذراء فإنه يكون من خل (٣) طبخ فيه المرداسنج حتى انحل فيه ثم يصفي حتى يبقى الخل في غاية الإشفاف ثم يطبخ المرداسنج في ماء طبخ فيه القلى ، ويبالغ في تصفيته ثم يخلط الماءان فينعقد فيه المنحل الشفاف من المرداسنج ، ويصير في غاية البياض ثم يجف ،
__________________
(١) في (ج) بزيادة لفظ (صغار).
(٢) في (ج) بزيادة (غور).
(٣) الخل : سائل حامض يتكون أساسا من حمض الخليل والماء ، وينتج بفعل البكتريا على المحاليل المخففة من الكحول الأثيلي المستخرج مبدئيا من عملية التخمير ، ويستمد لونه ونكهته من المشروب الكحلي الذي صنع منه «السدر» والجعة والنبيذ ، وعصير الفواكه ومحلول «الملت». ويستعمل الخل (تابلا ومطهرا خفيفا). عرف الخل قديما كناتج طبيعي للنبيذ وبدأ استخراجه كصناعة مستقلة بفرنسا في القرن ١٧ ، وفي أوائل القرن ١٩ استبدلت بالطريقة البطيئة المبنية على التخمير الذاتي في براميل نصف مملوءة بقطع من خشب الزان (بطريقة المولد). وأم الخل : وهي كتله لزجه من البكتريا المخمرة. وثعبان الخل : وهي لمحولمحة تشبه الخيط.
(الموسوعة العربية الميسرة ص ٧٦١).