البطلان إلا فيما يحتاج إلى زيادة بيان ، والصوت عندهم كيفية تحدث في الهواء بسبب تموجه المعلول للقرع الذي هو أساس عنيف ، والقلع الذي هو تفريق عنيف بشرط مقاومة المقروع للقارع والمقلوع للقالع ، كما في قرع الماء وقلع الكرباس بخلاف القطن لعدم المقاومة ، والمراد بالتموج حالة شبيهة بتموج الماء تحدث بصدم بعد صدم مع سكون بعد سكون ، وليس الصوت نفس التموج ، أو نفس القرع ، والقلع على ما توهمه بعضهم بناء على اشتباه الشيء بسببه القريب أو البعيد لأن التموج والقرع والقلع ليست من المسموعات قطعا ، بل ربما يدرك الأول باللمس والآخران بالبصر ، وقد يتوهم أنه لا وجود للصوت في الخارج وإنما يحدث في الحس وصول الهواء المتموج إلى الصماخ واستدل على بطلان ذلك بأنه لو لم يوجد إلا في الحس لما أدرك عند سماعه جهته وحده من القرب والبعد ، لأن التقدير أنه لا وجود له في مكان وجهة خارج الحس ، واللازم باطل قطعا ، لأنا إذا سمعنا الصوت نعرف أنه وصل إلينا من جهة اليمين أو اليسار ، ومن مكان قريب أو بعيد.
لا يقال : يجوز أن يكون إدراك الجهة لأجل أن الهواء المتموج يجيء منها ، ويميز القريب والبعيد ، لأجل أن أثر القارع القريب أقوى من البعيد ، وإن لم يكن الصوت موجودا في الجهة والمسافة ، لأنا نقول : لو صح الأول لما أدركت الجهة التي على خلاف الأذن السامعة ، وليس كذلك لأن السامع قد يسد أذنه اليمنى ويجيء الصوت من يمينه فيسمعه بأذنه اليسرى ، ويعرف أنه جاء من يمينه مع القطع بأن الهواء المتموج لا يصل إلى اليسرى إلا بعد الانعطاف عن اليمين ولو صح الثاني لزم أن تشتبه القوة والضعف بالقرب والبعد ، فلم يميز بين البعيد القوى والقريب الضعيف ، وظن في الصوتين (١) المتساويين في القرب والبعد المختلفين بالقوة والضعف أنهما مختلفان في القرب والبعد ، وليس كذلك ولهم تردد في مقام آخر وهو أنه إذا وصل الهواء المتموج إلى الصماخ فالمسموع هو الصوت القائم بالهواء الواصل فقط ،
__________________
(١) في (ب) الصورتين بدلا من (الصوتين).