أو بالهواء الخارج أيضا ، والحق هو الأخير بدليل إدراك جهة الصوت وحده من القرب والبعد، فإنه لو لم يقع الإحساس به إلا من حيث إنه في الهواء الواصل إلى الصماخ دون الخارج الذي هو مبدأ حدوث الصوت أو واسطة (١) لم يكن عند الحس فرق بين هذا وبين ما إذا لم يوجد خارج الصماخ أصلا فلم يعرف جهته ولا مر به أو بعده ، كما أن اللمس لم يدرك الملموس إلا من حيث انتهى إليه ، لا من حيث إنه في أول المسافة لم يميز بين وروده من اليمين أو اليسار ومن القريب أو البعيد فظهر أن في معرفة جهة الصوت وحده من القرب والبعد دلالة على مطلوبين من جهة أنها تدل على أن القائم بالهواء الخارج من الصماخ أيضا مسموع ، وذلك يدل على أنها (٢) هناك موجودة ، وهذا ما قال الإمام إن التميز بين الجهات والقرب والبعد من الأصوات لما كان حاصلا علمنا أنا ندرك الأصوات الخارجية حيث هي ، ولا يمكننا أن ندركها (٣) حيث هي إلا وهي موجودة خارج الصماخ ، وما أورد من الإشكال ، وهو أن المدرك بالسمع لما لم يكن إلا الصوت دون الجهة لم يكن كون الصوت حاصلا في تلك الجهة مدركا له ، بل مدركة الصوت الذي في تلك (٤) (الجهة لا من حيث هو في تلك الجهة بل من حيث إنه صوت فقط ، وهذا لا يختلف باختلاف الجهات ، فكيف يوجب إدراك الجهة؟ ليس بشيء لأنهم لا يجعلون كون الصوت في تلك الجهة) (٥) مدركا بالسمع إلا بمعنى أنا نعرف بسماع الصوت في تلك الجهة أنه هناك ، كما نعرف بذوق الحلاوة ، أو شم الرائحة من هذا الجسم أنهما منه ، وإن لم يكن الجسم من المذوقات أو المشمومات ، وأما السبب في ذلك فحاصل ما ذكروا فيه أنا بعد ما أدركنا الصوت عند الصماخ نتبعه بتأملنا فيتأدى إدراكنا من الذي يصل إلينا إلى ما قبله فما قبله من
__________________
(١) في (أ) وسطه بدلا من (واسطه).
(٢) في (أ) أنه هناك موجود.
(٣) سقط من (ب) جملة (ولا يمكننا أن ندركها).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (الجهة).
(٥) ما بين القوسين سقط من (ب).