والجواب : أن ذلك إنما يكون عند إمكان الوصول في الجملة وإن لم بكن على وجهه ولذا لا يخلو عن تشويش السماع.
الثالث : أنا نسمع صوت من يحول بيننا وبينه جدار صلب مع القطع بامتناع نفوذ الهواء في المنافذ من غير أن يزول عنه ذلك الشكل ، الذي هو أضعف وأسرع زوالا من الرقم على الماء ، وقد صار مثلا في عدم البقاء.
وأجيب بأنه إذا لم يكن للحائل منافذ أصلا ، ولا يكون هناك طريق آخر للهواء فلا نسلم السماع. ألا ترى أنه كلما كانت المنافذ (١) أقل كان السماع أضعف ، وأما بقاء الشكل فإن أريد به حقيقة التشكل الذي يعرض للهواء فيصير سببا لحدوث الكيفية المخصوصة ، فلا حاجة لنا إلى بقائه لأنه من المعدات ، وإن أريد به تلك الكيفية المسببة (عنه المسماة بالصوت والحرف فلا استحالة بل لا استعداد في بقائه مع النفوذ والمضايق ، والحق أن قيام تلك الكيفية) (٢). المخصوصة الغير قارة ، لكل جزء من أجزاء الهواء ، بدليل أن الكل من في تلك المسافة يسمعها ، وبقاء أجزاء الهواء مع فرط لطافتها على تلك الهيئة والكيفية مع هبوب الرياح ومع النفوذ في منافذ الأجسام الصلبة مستبعد جدا ، وأبعد منه حديث الصدى ، وهو أن الهواء إذا تموج وقاومه جسم أملس كجبل أو جدار (٣) بحيث يرد ذلك المتموج إلى (٤) خلف على هيئته كما في الكرة المرمية إلى الحائط المقاوم لها حدث من ذلك صوت هو الصدى ، وترددوا في أن حدوثه من تموج الهواء الأول الراجع على هيئته، أو من تموج هواء آخر بيننا وبين المقاوم متكيف بكيفية الهواء الراجع ، وهذا هو الأشبه. وكيف ما كان فبقاء الهواء على كيفيته التي لا استقرار لها مع مصادمة الجسم الصل ، ثم رجوعه على هيئة وإحداثه وكيفيته فيما يجاوره ، وزواله بمجرد الوصول إلى الصماخ من المستبعدات التي تكاد تلحق بالمحالات.
__________________
(١) في (ب) الناقد وهو تحريف.
(٢) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٣) في (أ) جار وهو تحريف.
(٤) في (ب) المسموع بدلا من (المتموج).