تعالى في العبد علما ضروريا (١) متعلقا بما يتعلق به علمه النظري.
والمعتزلة عولوا فى الجواز على تجانس العلوم ، ومنعوا الوقوع فيما يكون مكلفا به كالعلم بالله وصفاته المقدسة لئلا يلزم التكليف بغير المقدور وأنه قبيح يمتنع وقوعه من الله تعالى.
فإن قيل : فاللازم نفي الجواز دون مجرد الوقوع.
قلنا : ليس معنى كلامهم أن فى العلم بالله تعالى الانقلاب جائز وليس بواقع ، بل إنه جائز نظرا إلى كونه علما وإنما امتنع وقوعه لعارض من خارج هو كونه مكلفا به نظريا فجوزه القاضي وبعض المتكلمين لأن العلوم متجانسة ، أى متماثلة متفقة الماهية بناء على كون التعلق بالمعلومات ، والتشخص الحاصل بواسطة الخصوصيات من العوارض التى ليست مقتضى الذات ، وإذا كانت متماثلة وحكم الأمثال واحد جاز على كل منها ما جاز على الآخر ، كما جاز على الإنسانية التى في زيد ما جاز على التي في عمرو ، بالنظر إلى نفس الإنسانية.
فإن قيل : قد سبق أن التصور (٢) والتصديق (٣) مختلفان بالحقيقة قلنا :
__________________
(١) العلم الضروري : هو ما يحصل من غير فكر وكسب ، والعلم الاكتسابي الذي يحصل بالنظر والبحث ، وهو عقل وعمل ، فالعقلي : هو ما يحصل بالنظر والتأمل ، ويسمى بالعلم النظري ، والعملي : هو ما يحصل بالعمل والتجربة.
(٢) تصور الشيء : تخيله ، وتصور له الشيء ، صارت له عنده صورة والتصور عند علماء النفس : هو حصول صورة الشيء في العقل وعند المناطقة : هو إدراك الماهية من غير أن يحكم عليها بنفي أو إثبات.
(تعريفات الجرجاني).
(٣) العلم عند الفلاسفة القدماء. إما تصور فقط ، وهو حصول صورة الشيء في العقل ، وإما تصور معه حكم وهو إسناد أمر إلى آخر إيجابا أو سلبا ، ويقال لهذا التصور المصحوب بالحكم تصديق.
(راجع القطب على الشمسية ص ٦).
والتصور يكتسب بالحد وما يجري مجراه والتصديق إنما يكتسب بالقياس أو ما يجري مجراه مثل تصديقنا بأن للكل مبدأ.
(راجع النجاة ص ٣ : ٤).