ومحل الخلاف هو التعلق بالمتعدد على التفصيل ، ومن حيث إنه كثير فلا يكون التعلق بالمجموع المشتمل على الأجزاء من هذا القبيل ما لم يلاحظ الأجزاء على التفصيل ويرد على الإمام أن الجواز الذهني ـ أعني عدم الامتناع عند العقل بالنظر (١) إلى كون العلم صفة ذات إضافة لا يستلزم الجواز الخارجى ـ أعني عدم الامتناع فى نفس الأمر على ما هو المتنازع لجواز أن يمتنع بدليل من خارج كما قيل ، وإن كان ضعيفا أنه ليس عدد أولى من عدد فلو تعلق بما فوق الواحد لزم تعلقه بما لا نهاية له ، وكما قال أبو الحسن الباهلي : إنه يمتنع فى المعلومين النظريين ، وإلا يلزم اجتماع النظرين فى علم واحد ضرورة أن النظر المؤدي إلى وجود الصانع غير المؤدي إلى وحدته.
وأجيب بمنع اللزوم لجواز أن يكون المعلومان بعلم واحد حاصلين بنظر واحد ، إذ لا امتناع فى أن يحصل بنظر واحد أمور متعددة كالنتيجة ونفي المعارض وكون الحاصل علما لا جهلا ، وكما قال القاضي (٢) وإمام الحرمين (٣) : إنه يمتنع إن كان (٤) المعلومات. بحيث يجوز انفكاك العلم بأحدهما عن العلم بالآخر ، وإلا يلزم جواز انفكاك الشيء عن نفسه ضرورة أن العلم بهذا نفس العلم بذاك ، والتقدير جواز انفكاكهما.
وأجيب بأنه يكفي في جواز الانفكاك كونهما معلومين بعلمين فى
__________________
(١) النظر : تأمل الشيء بالعين ، والنظر : تقليب البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته ، وقد يراد به التأمل والفحص ، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص وقوله تعالى : (انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ) سورة يونس آية ١١. والنظر : الانتظار قال تعالى : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) سورة الحديد آية ١٣. ويستعمل أيضا في التحير في الأمر. قال تعالى : (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) سورة البقرة آية ٤٥.
والنظر : وهو أعم من القياس ، لأن كل قياس نظر ، وليس كل نظر قياس.
(راجع بصائر ذوي الميز بتصرف ج ٤ ص وما بعدها).
(٢) القاضي : هو محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر أبو بكر الباقلاني ، ت ٤٠٣ ه. سبق الترجمة له.
(٣) إمام الحرمين : هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد الجويني ، ت ٤٧٨. سبق الترجمة له.
(٤) في (ب) إذا بدلا من (إن).