أي من الكيفيات النفسانية الإرادة ، ويشبه أن يكون معناها واضحا عند العقل غير ملتبس بغيرها ، إلا أنه تعسر معرفتها بكنه الحقيقة ، والتعبير عنها بما يفيد تصورها وهي تغاير الشهوة ، كما أن مقابلها وهي الكراهية تغاير النفرة ولهذا قد يريد الإنسان ما لا يشتهيه كشرب دواء كريه ينفعه وقد يشتهي ما لا يريده كأكل طعام لذيذ يضره.
وذهب كثير من المعتزلة (١) إلى (٢) أن الإرادة اعتقاد النفع أو ظنه ، فإن نسبة القدرة إلى طرفي الفعل (٣) على السوية فإذا حصل (٤) في القلب اعتقاد النفع (في أحد طرفيه) (٥) ، أو ظنه ترجح بسببه ذلك الطرف وصار مؤثرا عنده.
وذهب بعضهم إلى أنها ميل (٦) يعقب اعتقاد النفع أو ظنه ، لأن القادر كثيرا (٧) ما يعتقد النفع أو يظنه ولا يريده ما لم يحدث هذا الميل.
وأجيب بأنا لا نجعله مجرد اعتقاد النفع أو ظنه ، بل اعتقاد نفع له أو إلى غيره ممن يؤثر خيره ، بحيث يمكن وصول ذلك النفع إليه ، أو إلى غيره من غير مانع من تعب أو معارضة وما ذكر من الميل إنما يحصل لمن لا يقدر على تحصيل ذلك الشيء قدرة تامة كالشوق إلى المحبوب لمن لا يصل إليه ، أما
__________________
(١) ذهب النظام مع كثيرين مثل أبي الهذيل ومعمر وجعفر بن حرب والإسكافي والأدمي والشحام وعيسى الصوفي : إلى أن الإرادة التي يكون مرادها بعدها بلا فصل موجبة لمرادها.
(راجع مقالات الإسلاميين ج ٢ ص ٩٠).
(٢) في (ب) بزيادة لفظ (إلى).
(٣) في (ب) العقل بدلا من (الفعل).
(٤) في (ب) جعل بدلا من (حصل).
(٥) ما بين القوسين سقط من (ب).
(٦) الميل : قال ابن سينا : فإن كل قوة فإنما تحرك بتوسط الميل ، والميل هو المعنى الذي يحس في الجسم المتحرك ، وإن سكن قسرا أحس ذلك الميل ، كأنه به يقاوم المسكن مع سكونه طلبا للحركة ، فهو غير الحركة لا محالة ، وغير القوة المحركة ، لأن القوة المحركة تكون موجودة عند اتمامها الحركة ، ولا يكون الميل موجودا.
(النجاة ص ٤٢٤ والميل : قسري وطبعي ونفساني).
(راجع القاموس الفلسفي ج ٢ ص ٤٥٣).
(٧) في (أ) بزيادة لفظ (كثيرا).