العاجز عنه ، وما ذاك إلا بوجود القدرة في المقيد دون العاجز ، وبأن المقيد لم يلحقه تغير في ذاته ولا صفاته ، ولم يطرأ عليه ضد من أضداد القدرة وقد كان قادرا حال المشي ، فكذا مع القيد لأن القدرة من صفات النفس.
وأجيب عن الأول بأن الفرق عندنا عائد إلى جري العادة بخلق القدرة في المقيد بارتفاع القيد بخلاف الزمن العاجز فإنه وإن كان ارتفاع العجز ممكنا ممكنا لكن لم تجر العادة بذلك.
وعن الثاني : يمنع عدم التغير في الصفة.
واتفقت المعتزلة على أن القدرة الواحدة تتعلق بالمتماثلات لكن على مرور الأوقات إذ يمتنع وقوع مثلين في محل واحد بقدرة واحدة في وقت واحد.
واختلفوا في تعلقها بالضدين ، فجوز أكثرهم تعليقهما بهما على سبيل البدل (١) ، إذ لو لم يمكن القادر على الشيء قادرا على ضده لكان مضطرا إلى ذلك المقدور حيث لم يتمكن من تركه هذا خلف.
وتردد أبو هاشم فزعم تارة أن كلا من القدرة القائمة بالقلب ، والقدرة القائمة بالجوارح تتعلق بجميع أفعال محلها دون محل الأخرى ، بمعنى أن القائمة بالقلب تتعلق بالإرادات والاعتقادات مثلا دون الحركات والاعتمادات والقائمة بالجوارح على العكس.
وتارة أن كلا منهما يتعلق بالجميع إلا أنها لا تؤثر إلا في أفعال محله مثلا
__________________
(١) البدل : لغة العوض ، وبدل الشيء غيره ، والخلف منه ، قال سيبويه : إن بدلك زيد أي بديلك زيد ، والأصل في التبديل تغيير الشيء عن حاله. والأصل في الإبدال جعل الشيء مكان شيء آخر.
والبدل في اصطلاح الفلاسفة : الشيء الذي تجعله مكان غيره ، أو تأخذه عوضا عنه ، وقد استعمل الفيلسوف (تين) لفظ الإبدال في كتاب العقل. باعتبار أن البدل : إشارة أو علامة تساعدك على إجراء أعمال ذهنية مختلفة من دون أن تحتاج إلى التفكير في الشيء المدلول عليه والحروف التي نستعملها في علم الجبر أبدال تقوم مقام الكميات ، والألفاظ أبدال تنوب عن الصور الذهنية.