ذلك حتى قيل بأن كل حركة سكون ولا عكس ، والتضاد إنما هو بين السكون في الحيز والحركة منه لا إليه ، فإنها عينه.
واعترض بأنه لو صح ذلك لزم أن يكون في الحيز الثاني الحصول الثاني حركة كالأول ، والقول بأن عدم المسبوقية بالحصول في ذلك الحير معتبر في الحركة لا يدفع الالزام).
لا خفاء في أن قولهم حصول الجوهر في الحيز إذ لم يعتبر بالنسبة إلى جوهر آخر ، فإما أن يكون مسبوقا بحصوله في ذلك الحيز ، أو في حيز آخر ليس بحاصر لجواز أن لا يكون مسبوقا بحصول أصلا ، فلذا ذهب بعض المتكلمين إلى أن الأكوان لا تنحصر في الأربعة ، كما فرضنا أن الله تعالى خلق جوهرا فردا ولم يخلق معه جوهرا آخر ، فكونه في أول زمان الحدوث ليس بحركة ولا سكون ولا اجتماع ولا افتراق.
وأجاب القاضي وأبو هاشم بأنه سكون لكونه مماثلا للحصول الثاني في ذلك الحيز وهو سكون بالاتفاق ، واللبث أمر زائد على السكون غير مشروط فيه ، وإلى هذا يؤول ما قال الأستاذ أنه سكون في حكم الحركة حيث لم يكن مسبوقا بحصول آخر في ذلك الحيز ، وعلى هذا لا يتم ما ذكر في طريق الحصر ، بل طريقه أن يقال إنه (١) إن كان مسبوقا بحصوله في حيز آخر ، فحركة ، وإلا فسكون. ويرد عليه السكون بعد الحركة حيث يصدق عليه أنه حصول مسبوق بالحصول في حيز آخر ، وإن كان مسبوقا بالحصول في ذلك الحيز أيضا. فالأول أن يقال إنه إن اتصل بحصول سابق في حيز آخر فحركة وإلا فسكون ، أو يقال إنه (٢) إن كان حصولا أول في حيز ثان فحركة وإلا فسكون ، فيدخل في السكون الكون في أول زمان الحدوث وتخرج الأكوان المتلاحقة في الأحيان المتلاصقة. أعني الأكوان التي هي أجزاء الحركة فلا تكون الحركة مجموع سكنات ، وذلك لأنه لا يلزم من عدم اعتبار اللبث
__________________
(١) في (أ) بزيادة (إنه).
(٢) سقط من (أ) لفظ (إنه).