وسيجيء بيان بطلان اللازمين ، وهذا بخلاف الحركة الأينية ، فإن الوسط الذي بين المبدأ والمنتهى. أعني امتداد المسافة واحد بالفعل ، يقبل بحسب الفرض انقسامات غير متناهية.
فإن قيل : يجوز أن يكون كل واحد من تلك الآحاد المتناهية قابلا لانقسامات غير متناهية ، فلا يلزم تركب الحركة مما لا تقبل الانقسام.
قلنا : هذا غير مقيد إذ التقدير أن الانتقال إلى كل من تلك الآحاد دفعى. والحاصل أن امتناع تركب الحركة مما لا ينقسم يقتضي أن يكون امتدادها الموهوم منطبقا على أمر قابل لانقسامات غير متناهية على ما هو شأن لكم المتصل سواء كان عارضا بجسم واحد كما في الحركة في الماء ، أو الأجسام مختلفة كما في الحركة من الأرض إلى السماء لا على كم منفصل متناهي الآحاد سواء كان معروضة جوهرا ، أو كما متصلا أو كيف أو غير ذلك ، وبهذا يندفع ما يتوهم من أنه إذا جازت الحركة في المسافة لكونها معروضة لما يقبل الانقسام لا إلى نهاية ، ففي الكم القابل لذلك بحسب ذاته أولى.
(قال : ولا ثبت للحركة في باقي المقولات).
يعني لا دليل على ثبوت الحركة في الجوهر (١) والمتى والإضافة والملك (٢) وأن يفعل وأن ينفعل ، بل ربما يقام الدليل على نفيها. أما الجوهر فلأنه بعد ثبوت الكون ، وتوارد الصور على المادة الواحدة ، فالانتقال إلى كل منها دفعى ، لأن الجوهر لا بقبل الاشتداد (فلا يكون حدوثه على التدريج ،
__________________
(١) قال ابن سينا : الجوهر هو كل ما وجود ذاته ليس في موضوع ، أي في محل قريب قد قام بنفسه دونه لا بتقويمه. (النجاة ص ١٢٦).
(٢) الملك : إحدى مقولات أرسطو العشر ، ويقابله الحرمان ويعبر به عن نسبة المالك إلى ما يملكه مثل شاكي السلاح.
وعرفه الغزالي بقوله : إنه نسبة الجسم إلى الجسم المنطبق على جميع بسيطه أو على بعضه إذا كان المنطبق ينتقل بانتقال المحاط به المنطبق عليه والملك هو المعبر عنه عند القدماء بلفظ (له).