فإن قيل : فعلى رأي من يجعل الممكنات كلها مستندة إلى الله تعالى ابتداء هل يتأتى هذا التقسيم ، أم تكون الحركات كلها قسرية؟.
قلنا : بل يتأتى بأن يراد بالمحرك ما جرت العادة بخلق الحركة معه كما يفصح عنه وصفهم بعض الحركات بكونه اختياريا.
(قال : فحركة النفس إرادية :
من حيث إمكان تغير جزئياتها عن أوقاتها وإن كانت طبيعية من حيث الاحتياج إلى مطلقها وحركة النمو طبيعية ، وكذا النبض ، ولا يبعد فيها اختلاف الجهات عند اختلاف الغايات وما قيل إن الطبيعية لا تكون إلا على نهج واحد ، بل صاعدة أو هابطة ، فذلك في البسائط العنصرية).
قد أشكل الأمر في بعض الحركات أنها من أي قسم من الأقسام الثلاثة لا سيما حركة(١) النبض ، فقد كثر اختلاف الناس في أنها طبيعية أو إرادية ، وعلى التقديرين ، قابلية (٢) أو وضعية أو كمية ، ولكل من الفرق تمسكات مذكورة في المطولات سيما شروح الكليات ، ونحن نقتصر على ذكر ما هو أقرب وأصوب.
فنقول : أما حركة النفس (٣) فإرادية باعتبار طبيعية باعتبار على ما قال بعض المتأخرين من الحكماء أنها تتعلق بالإرادة من حيث وقوع كل نفس في زمان يتمكن المتنفس من أن يقدمه على ذلك الزمان ، وأن يؤخره منه بحسب إرادته لكنها لا تتعلق بالإرادة من حيث الاحتياج الضروري إليها ، فهو طبيعي من حيث الحاجة إلى مطلق التنفس ، وإرادي من حيث إمكان تغير التنفسات الجزئية عن أوقات تقتضيها الحاجة ، ويكون وقوعها في تلك الأوقات على مجراها الطبيعي ، وهذا معى ما قال صاحب القانون (٤) أن حركة التنفس إرادية
__________________
(١) في (ب) بزيادة لفظ (حركة).
(٢) في (ب) فأينية بدلا من (قابلية).
(٣) في (ب) النقص وهو تحريف.
(٤) هو أبو على الحسين بن عبد الله الحسن بن علي بن سينا ت ٤٢٨.