يمكن أن تغير عن مجراها الطبيعي ، والاعتراض بأنه لا إرادة للنائم ، فيلزم أن لا يتنفس ليس بشيء ، لأن النائم يفعل الحركات الإرادية ، لكن لا يشعر بإرادته ، ولا يتذكر شعوره ، ولذلك قد تحرك الأعضاء بسبب الملالة عن بعض الأوضاع ، ويحكها عند الحاجة إلى الحك ، ولا يشعر بذلك ، وأما حركة النمو فظاهر أنها طبيعية ، إذ طبيعة النامي تقتضي الزيادة في الأقطار عند ورود الغذاء ، ونفوذه فيما بين الأجزاء ، وكذا النبض (١) عند المحققين ، فإنها ليست بحسب القصد والإرادة ، ولا بحسب قاسر من خارج ، بل بما في القلب من القوة الحيوانية ، وميل الجمهور إلى أنها مكانية ، وقيل بل وضعية ، وقيل كمية.
فإن قيل : الحركة الطبيعية لا تكون إلا إلى جهة واحدة بل لا تكون إلا صاعدة أو هابطة على ما صرحوا به.
قلنا : ذلك إنما هو في البسائط العنصرية ، وأما الطبيعية النباتية أو الحيوانية قد تفعل حركات إلى جهات وغايات مختلفة ، وطبيعة القلب والشرايين من شأنها للروح إحداث حركة فيها من المركز إلى المحيط ، وهي الانبساط ، وأخرى من المحيط إلى المركز ، وهي الانقباض ، لكن ليس الغرض من الانبساط تحصيل المحيط ليلزم الوقوف ، ويمتنع العود ، بل جذب الهواء البارد المصلح لمزاج الروح ، ولا من الانقباض تحصيل المركز بل دفع الهواء المفسد للمزاج ، والاحتياج إلى هذين الأمرين مما يتعاقب لحظة فلحظة فتتعاقب الآثار المتضادة عن القوة الواحدة.
(قال : ومنهم :
__________________
(١) يقول ابن سينا النبض حركة من أوعية الروح مؤلفة من انبساط وانقباض لتبريد الروح بالنسيم ، والنبض إما جزئي وإما كلي ونتكلم على النبض الكلي فنقول : إن كل نبضة فهي مركبة من حركتين وسكونين لأن كل نبض مركب من انبساط وانقباض ثم لا بد من تخلل السكون بين كل حركتين متضادتين لاستحالة اتصال الحركة بحركة أخرى بعد أن يحصل لمسافتها نهاية وطرف بالفعل وهذا مما يبين في العالم الطبيعي الخ.
(راجع قانون الطب ج ١ ص ١٢٣).