الشيء مع الشيء لا هو ولا غيره ، بل الغيران هما الاثنان (١) من حيث إن أحدهما ليس هو الآخر (٢) ، واعتذر بأنه اصطلاح. أو المراد لا هو بحسب المفهوم ، ولا غيره بحسب الهوية ، كما في الحمل ، ويبطل الأول استدلالهم الفاسد ، بأن الواحد لو كان غير العشرة لكان غير نفسه لأنه من العشرة ، والثاني أن الكلام في الأجزاء والصفات الغير المحمولة ، كالواحد مع العشرة ، والقدرة والعلم مع الذات).
الهوية هو بمعنى أن الشيء بالنسبة إلى الشيء إن صدق أنه هو هو فعينه ، وإن لم يصدق فغيره ، إن كان بحسب المفهوم كما في نسبة الإنسان إلى البشر ، والناطق فبحسب المفهوم ، وإن كان بحسب الذات والهوية ، كما في نسبة (٣) الإنسان إلى الكاتب والحجر ، فبحسب الذات والهوية ، وما ذهبوا إليه من أن الجزء (٤) بالنسبة إلى الكل ، والصفة بالنسبة إلى الموصوف ليس عينه ولا غيره ، ليس بمعقول لكونه ارتفاعا للنقيضين ، نعم في الغيرية إضافة بها ، يصير أخص من النقيض بحسب المفهوم ، لأن الغيرين هما الاثنان ، من حيث أن أحدهما ليس هو (٥) الآخر ، إلا أنها حيثية لازمة في نفس الأمر ، ربما يشعر بها مفهوم النقيض أيضا ، فلذا أطلقوا القول ، بأن الغيرية نقيض هو هو وبأن الغيرين هما الاثنان والشيئان.
واعتذر الإمام الرازي (٦) عما ذكره المتكلمون من أن الشيء بالنسبة إلى الشيء قد يكون لا عينه ولا غيره ، بأنه اصطلاح على تخصيص لفظ الغيرين بما يجوز انفكاكهما كما خص العرف لفظ الدابة بذوات الأربع.
__________________
(١) خرج عنه الواحد فلا غيرية فيه.
(٢) خرج به الاثنان من حيث إن أحدهما نفس الآخر كما تقدم في الناطقية والإنسانية.
(٣) سقط من (أ) لفظ (نسبة).
(٤) سقط من (أ) الحرف (إن).
(٥) في (أ) بزيادة لفظ (هو).
(٦) راجع كتابه. (المحصل من أفكار المتقدمين والمتأخرين) تحقيق الأستاذ طه عبد الرءوف. نشر الكليات الأزهرية.