الماهية ، والصفات النفسية لم يعقل بينهما تمايز إلا بحسب المحل ، لأن قيامهما به ، ووجودهما تبع لوجوده ، فإذا اتحدت الماهية وما يتبعه الهوية ، ارتفعت الاثنينية ورد بالمنع لجواز أن يختص كل بعوارض مستندة إلى أسباب مفارقة ، وبهذا يمنع ما ذكر في المحصل من أن نسبة العوارض إلى كل منهما على السوية ، فلا تعرض لأحدهما خاصة ، بل لكل منهما ، وحينئذ لا يبقى الامتياز البتة ، ويلزم الاتحاد.
وأما الاعتراض بأن عدم الامتياز لا يدل على الاتحاد بل غايته عدم العلم لاثنينيته ، فليس بشيء (١) ، لأن ما ذكر على تقدير تمامه يفيد عدم الامتياز في نفس الأمر لا عند العقل فقط ، وقد يستدل بأنه لو جاز اجتماع المثلين ، لجاز لمن له علم نظري بشيء أن ينظر لتحصيل العلم به ، إذ لا مانع سوى امتناع (٢) اجتماع المثلين ، وبأنه لو جاز لما حصل القطع باتحاد شيء من الأعراض لجواز أن يكون أمثالا (٣) كثيرة مجتمعة ، واللازم باطل للقطع بذلك في كثير من الأعراض. وبأنه لو جاز اجتماعهما لجاز افتراقهما بزوال أحد المثلين (٤) ضرورة أنه ليس بواجب وزواله ليس إلا بطريان ضده الذي هو ضد للمثل الآخر الباقي ، فيلزم اجتماع الضدين.
ورد الأولان بمنع الملازمة لجواز مانع آخر ، فانتفاء شرط النظر وهو عدم العلم بالمطلوب ، ولجواز القطع بانتفاء الممكن ضرورة أو استدلالا.
والثالث بمنع المقدمات .. تمسكت المعتزلة بالوقوع ، فإن الجسم يعرض له سواد ثم آخر وآخر إلى أن يبلغ غاية السواد.
وأجيب : بأنا لا نسلم ذلك (٥) ، بل السوادات المتفاوتة بالشدة والضعف أنواع من اللون متخالفة بالحقيقة ، متشاركة في عارض مقول عليها التشكك (٦) هو مطلق السواد يعرض للجسم الذي يشتد سواده على التدريج في كل آن نوع آخر.
__________________
(١) في (ب) فليس بقوي بدلا من (بشيء).
(٢) سقط من (ب) لفظ (امتناع).
(٣) في (ب) بزيادة لفظ (كبيرة).
(٤) في (ب) بزوال المثلين أو أحدهما.
(٥) في (ب) لا نسلم لأن السوادات.
(٦) في (ب) بزيادة لفظ (الذي).