وأما ثالثا : فلتصريح ابن سينا وغيره بأن موضوع المتقابلين قد يكون واحدا شخصيا كزيد للعدل والجور أو نوعيا كالإنسان للرجولية والمرئية ، أو جنسيا كالحيوان للذكورة والأنوثة ، أو أعم من ذلك كالشيء للخير والشر.
وأما رابعا : فلأن الكلام في اللاسواد واللابياض لا في العدم (١) المضاف (٢) إلى السواد ، والعدم المضاف إلى البياض ، ألا ترى أنك لا تقول باختلاف الموضوع في البياض واللابياض ، نظرا إلى أن اللابياض عدم مضاف (٣) إلى البياض فيكون موضوعه البياض.
فإن قيل : من التقابل ما يجري في القضايا كالتناقض والتضاد. فإن قولنا : كل حيوان إنسان نقيض لقولنا بعض الحيوان ليس بإنسان ، وضد لقولنا ، لا شيء من الحيوان بإنسان ، مع أنه لا يتصور اعتبار ورود القضايا على محل (٤).
فالجواب من وجهين :
أحدهما : أن ذلك بحسب اشتراك الاسم كسائر النسب من العموم والخصوص ، والمباينة والمساواة (٥) ، فإنها تكون في المفردات باعتبار الصدق ، أعني صدقها على شيء وفي القضايا باعتبار الوجود ، أعني صدقها في أنفسها ، فالمعتبر في التناقض والتضاد بين المفردين ، امتناع الاجتماع في المحل ، وبين القضيتين امتناع لا اجتماع في الوجود.
وثانيهما : أن يجعل تقابل الإيجاب والسلب أعم مما في المفردات والقضايا ، ويعتبر موضوع القضية موردا ومحلا لثبوت المحمول له ، وعدم الثبوت على ما قال المحققون من الحكماء : أن المتقابلين بالإيجاب والسلب ، إن لم يحتمل الصدق والكذب فبسيط كالفرسية ، واللافرسية ، وإلا فمركب ، كقولنا زيد
__________________
(١) في (أ) و (ب) بزيادة لفظ (العدم).
(٢) في (ج) القائم بدلا من (المضاف).
(٣) في (ب) أضيف إليه بدلا من (مضاف إلى البياض).
(٤) في (ج) عليه بدلا من (على محل).
(٥) سقط من (أ) لفظ (المساواة).