يريد أن الواحد الشخص لا يكون معلولا لعلتين تستقل كل منهما بإيجاده خلافا لبعض المعتزلة والواحد من جميع الوجوه لا يلزم أن يكون معلوله واحدا بل قد يكون كثيرا خلافا للفلاسفة حيث ذهبوا إلى أن الواحد المحض (١) من غير تعدد شروط وآلات واختلاف جهات واعتبارات لا يكون علة إلا لمعلول واحد.
أما الأول : وهو امتناع اجتماع العلتين المستقلتين على معلول واحد فلوجهين.
١ ـ أنه يلزم احتياجه إلى كل من العلتين المستقلتين (٢) لكونهما علة واستغناؤه عن كل منهما لكون الأخرى مستقلة بالعلية.
٢ ـ أنه إن توقف على كل منهما لم يكن شيء منهما علة مستقلة بل جزء علة ، لأن معنى استقلال العلة أن (٣) لا يفتقر في التأثير إلى شيء آخر ، وإن توقف على إحداهما فقط كانت هي العلة دون الأخرى وإن لم تتوقف على شيء منهما لم يكن شيء منهما علة ، وهذا بخلاف الواحد بالنوع ، فإنه لا يمتنع اجتماع العلتين عليه بمعنى أن يقع بعض أفراده بهذه وبعضها بتلك فيكون المحتاج إلى كل منهما أمرا (٤) مغايرا للمحتاج إلى الأخرى ، وحينئذ لا يلزم احتياج شيء إلى شيء واستغناؤه عنه بعينه ، ولا يلزم من احتياج النوع إلى كل من العلتين عدم استقلالهما بالعلية للفرد ، وذلك كجزئيات الحرارة التي يقع بعضها بهذه النار وبعضها بتلك فنوع الحرارة يكون معلولا لهذه النيران. وقد تمثل بنوع الحرارة الواقع بعض جزئياتها بالنار وبعضها بالشمس وبعضها بالحركة ، والمناقشة في كون هذه الحرارات من نوع واحد تدفع بأن المراد بالنوع ما هو أعم من الحقيقي ، وأورد الإمام أن المعلول النوعي إن
__________________
(١) في (ب) المشخص بدلا من (المحض).
(٢) سقط من (ب) لفظ (المستقلتين).
(٣) في (ب) أنه بدلا من (أن).
(٤) في (ب) أثرا بدلا من (أمرا).