وتلطيف للعبارة في التعبير عن جهل كليم الله بما يجوز عليه ، وما لا يجوز ، وقصروه في المعرفة عن حثالة (١) المعتزلة. نعوذ بالله من الغباوة والغواية.
واعلم أن توجيه هذه الاعتراضات على قانون المناظرة. أنا لا نسلم أنه طلب الرؤية ، بل طلب العلم الضروري أو رؤية آية وعلامة. ولو سلم فلا نسلم لزوم الجهل أو العبث لجواز أن يكون لغرض إرشاد القوم أو زيادة اطمئنان القلب (٢) ولو سلم فلا نسلم استحالة جهل موسى عليهالسلام بمثل هذه المسائل فعليك تطبيق الأجوبة ، وأما الاعتراض على الوجه الثاني من طريق الاستدلال فمن وجوه :
أحدها : أنا لا نسلم أنه علق الرؤية على استقرار الجبل مطلقا أو حالة السكون ليكون ممكنا بل عقيب النظر بدلالة الفاء وهو حالة (٣) تزلزل واندكاك ، ولا نسلم إمكان الاستقرار حينئذ.
والجواب : أن الاستقرار حالة الحركة أيضا ممكن بأن يحصل بدل الحركة السكون لأن الإمكان الذاتي لا يزول ولهذا صح جعله دكا. فإنه لا يقال جعله دكا إلا فيما يجوز أن لا يكون كذا ، وإنما المحال هو اجتماع الحركة والسكون ، وهذا كما أن قيام زيد حال قعوده يمكن وبالعكس واجتماعهما محال.
وما يقال : إن الاستقرار مع الحركة محال إن أريد به الاجتماع فمسلم ، لكن ليس هو المعلق عليه ، وإن أريد المقيد بالمعية فممنوع.
فإن قيل : قد جعلتم الأعمّ وهو الإمكان الذاتي مستلزما للأخص وهو الاستقبالي.
قلنا العموم والخصوص بينهما إنما هو بحسب المفهوم دون الوجود ، لأن الممكن الذاتي ممكن أبدا ، وقد يقال في الجواب إنه علقها على استقرار الجبل من حيث هو من غير قيد ، وهو ممكن في نفسه ، ويرد عليه أنه واقع في الدنيا فيلزم وقوع الرؤية فيها ،
__________________
(١) في (ب) خيالة بدلا من (حثالة).
(٢) سقط من (ب) من أول : ولو سلم الى اطمئنان القلب.
(٣) سقط من (ب) من أول : السكون إلى وهو حالة.