اللهمّ إلا أن يقال المراد استقرار الجبل من حيث هو لكن في المستقبل وعقيب النظر بدليل الفاء وإن (١) فلا يرد السكون السابق أو اللاحق.
فإن قيل : وجود الشرط لا يستلزم وجود المشروط.
قلنا : ذاك في الشرط بمعنى ما يتوقف عليه الشيء ولا يكون داخلا فيه وأما الشرط التعليقي (٢) فمعناه ما يتم به عليه العلة ، وآخر (٣) ما يتوقف عليه الشيء ، وما جعل بمنزلة الملزوم لما علق عليه.
وثانيها : أن ليس المقصد هاهنا إلى إثبات (٤) إمكان الرؤية أو امتناعها. بل إلى إثبات أنها لم تقع لعدم وقوع المعلق عليه.
وردّ بأن المدعي لزوم الإمكان قصد أو لم يقصد وقد ثبت.
وثالثها : أنه لما لم يوجد الشرط لم يوجد المشروط ، وهو الرؤية في المستقبل فانتفت أبدا لتساوي الأزمنة ، فكانت محالا ، وهذا في غاية الفساد.
ورابعها : أن التعليق بالجائز إنما يدل على الجواز إذا كان القصد إلى وقوع المشروط عند وقوع الشرط. وأما إذا كان القصد إلى الإقناط الكلي عن وجود المشروط بشهادة القرائن كما في هذه الآية فلا. وردّ بأن الآية على الإطماع أدل منها على الإقناط ، وسيجيء الكلام على القرائن. وقد يقال : إن في الآية وجهين آخرين من الاستدلال.
أحدهما : أنه قال : لن تراني (٥) ولم يقل : لست بمرئي على ما هو مقتضى المقام لو امتنعت الرؤية ، وأخطأ السائلون.
__________________
(١) في (أ) بزيادة حرف (إن).
(٢) في (ب) التغليبي بدلا من (التعليقي).
(٣) في (ب) به غلبة الغلبة بدلا من (به علية العلة).
(٤) في (أ) بزيادة لفظ (إثبات).
(٥) سورة الأعراف آية رقم ١٤٣.