فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) (١) (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (٢) (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) (٣) (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) (٤) (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (٥).
والجواب : أن التعليق بمشيئة العبد مذهبنا ، لكن مشيئته بمشيئة الله تعالى. (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) (٦) وفي تعداد هذه الأنواع إفرادها إطالة ، وقد فصلها الإمام في كتبه سيما المطالب العالية ، وأورد أيضا أحاديث كثيرة توافق أنواع الآيات. واقتصر في الجواب على أن الأدلة السمعية متعارضة ، فالتعويل على العقليات وعمدته في ذلك دليل الداعي الموجب ، ودليل العلم الأزلي ، ولذا نقل عن بعض أذكياء المعتزلة أنه كان يقول «هما العدوان للاعتزال وإلا فقدتم الدست».
وأما دليل الإرادة فقد أورده الموافق في عدادهما فلا معول عليه عندهم ، لتجويزهم وقوع خلاف مرادا لله تعالى عن ذلك علوا كبيرا. ولهذا ألزم المجوسي عمرو بن عبيد (٧) حين قال له : «لم لا تسلم فقال : لأن الله لم يرد إسلامي.
فقال : إن الله يريد إسلامك لكن الشياطين لا يتركونك.
فقال المجوسيّ : فأنا أكون مع الشريك الغالب».
__________________
(١) سورة الكهف آية رقم ٢٩.
(٢) هذا جزء من آية من سورة فصلت رقم ٤٠.
(٣) سورة المدثر آية رقم ٣٧.
(٤) هذا جزء من آية من سورة فصلت رقم ٤٠.
(٥) سورة الإنسان آية رقم ٢٩.
(٦) سورة التكوير آية رقم ٢٩ وسورة الإنسان آية رقم ٣٠.
(٧) هو عمرو بن عبيد أبو عثمان البصريّ. شيخ المعتزلة في عصره ومفتيها كان جده من سبي فارس ، وأبوه نساجا ثم شرطيا للحجاج في البصرة له رسائل وكتب الرد على القدرية ، وبعض العلماء يراه مبتدعا قال يحيى بن معين : كان من الدهرية الذين يقولون : إنما الناس مثل الزرع ، توفي عام ١٤٤ ه راجع الروض الأنف ٢ : ١٩ ووفيات الأعيان ١ : ٣٨٤