عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (١) وأمثال ذلك. وعلى مذهب المجبرة لهم أن يجادلوا ويقولوا إنك خلقت فينا الكفر ، وعلمته وأردته ، وأخبرت به ، وخلقت قدرة وداعية ، يجب معهما الكفر ، وكل هذه موانع من الإيمان ، فيكون القرآن حجة للكافر ، وقد أنزل ليكون حجة عليه ، وإلى هذا أشار الصاحب بن عباد (٢) وكان غاليا في الرفض والاعتزال ساعيا في تربية أبي هاشم الجبائي ورفع قدره ، وإعلاء ذكره حيث قال : كيف يأمر بالإيمان ولم يرده ، وينهى عن الكفر وأراده ، ويعاقب على الباطل ويقدره ، وكيف يصرف عن الإيمان ثم يقول (أَنَّى يُصْرَفُونَ) (٣) ويخلق فيهم الإفك ثم يقول (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٤) وأنشأ فيهم الكفر ثم يقول (كَيْفَ تَكْفُرُونَ) (٥) وخلق فيهم لبس الحق بالباطل ثم قال (لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ) (٦) وصدهم عن السبيل ثم يقول (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٧) وحال بينهم وبين الإيمان ثم يقول (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا) (٨) وأذهب بهم عن الرشد ثم قال (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) (٩) وأضلهم عن الدين حتى أعرضوا ثم قال (فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) (١٠).
والجواب : أن المراد الموانع الظاهرة التي يعلمها جهال الكفرة ، وهذه موانع عقلية خفيت على علماء القدرية.
الخامس : الآيات الدالة على أن فعل العبد بمشيئته كقوله تعالى (فَمَنْ شاءَ
__________________
(١) سورة آل عمران آية رقم ٩٩.
(٢) هو إسماعيل بن عباد بن العباس ، أبو القاسم ، وزير غلب عليه الأدب ، لقب بالصاحب لصحبته مؤيد الدولة من صباه فكان يدعوه بذلك ولد في الطالقان من أعمال قزوين عام ٣٢٦ ه وتوفي بالري عام ٣٨٥ ه له تصانيف منها المحيط ، والكشف عن مساوى شعر المتنبي ، وعنوان المعارف وذكر الخلائف.
(٣) هذا جزء من آية من سورة غافر آية رقم ٦٩.
(٤) هذا جزء من آية من سورة المائدة رقم ٧٥.
(٥) هذا جزء من آية من سورة البقرة رقم ٢٨.
(٦) سورة آل عمران آية رقم ٧١.
(٧) سورة آل عمران آية رقم ٩٩.
(٨) سورة التكوير جزء من آية رقم ٢٦.
(٩) سورة المدثر آية رقم ٤٩.
(١٠) سورة المدثر آية رقم ٤٩.