«القدرية مجوس هذه الأمة» وقوله «إذا قامت القيامة نادى مناد في أهل الجمع أين خصماء الله ..؟ فيقوم القدرية» ولا خفاء في أن المجوس هم الذين ينسبون الخير إلى الله ، والشر إلى الشيطان ويسمونهما ، يزدان ، وأهرمن ، وأن من لا يفوض الأمور كلها إلى الله ، ويعترض لبعضها (١) فينسبه إلى نفسه يكون هو المخاصم لله تعالى وأيضا من يضيف القدر إلى نفسه ويدعي كونه الفاعل والمقدر أولى باسم القدري ممن يضيفه إلى ربه. فإن قيل روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال لرجل قدم عليه من فارس «أخبرني بأعجب شيء رأيت» فقال رأيت أقواما ينكحون أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم. فإن قيل لهم لم تفعلون ذلك. قالوا قضاء الله علينا وقدره.
فقال عليهالسلام «سيكون في آخر أمتي أقوام يقولون مثل مقالتهم ، أولئك مجوس أمتي»(٢) وروى الأصبغ بن نباتة (٣) أن شيخا قام إلى علي بن أبي طالب بعد انصرافه من صفين (٤) ، فقال أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء الله وقدره فقال والذي فلق الحبة(٥) وبرأ النسمة ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا ولا علونا قلعة (٦) إلا بقضاء وقدر ، فقال الشيخ عند الله احتسب عنائي ما أرى لي من الأجر شيئا فقال له مه أيها الشيخ عظم الله أجركم في مسيركم وأنتم سائرون. وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ، ولا إليها مضطرين ، فقال
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (لبعضها).
(٢) لم نعثر على هذا الحديث في كتب الصحاح ولعلنا بمشيئة الله في طبعة أخرى يوفقنا الله إليه.
(٣) الأصبغ بن نباتة التميمي ثم الحنظلي أبو القاسم الكوفي. روى عن عمرو بن علي ، والحسن بن علي ، وعمار بن ياسر ، وروى عنه سعد بن طريف والأجلح وثابت وغيرهم قال ابن معين ليس بثقة ، وقال النسائيّ متروك الحديث وقال ابن أبي حاتم عن أبيه لين الحديث وقال الدارقطني منكر الحديث ، وقال البزار أكثر أحاديثه عن علي لا يرويها غيره.
(٤) موقعة صفين : بكسر الصاد ، وكسر الفاء مشددة ، بزنة سجين موضع بقرب الرقة على شاطئ الفرات من الجانب الغربي ، وفيه وقعت الحرب بين علي ومعاوية في سنة سبع وثلاثين في غرة صفر وقتل في هذه الحرب كثير من أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم وكان مدة المقام بصفين مائة يوم وعشرة أيام ، وكانت عدة الوقائع تسعين وقعة ، وفي إحداها قتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب.
(٥) في (ب) خلق الجنة وهو تحريف.
(٦) في (أ) تلة بدلا من (قلعة).