بالشرع تجوز حيث يوهم كون الحسن زائدا على الشرع موقوفا إدراكه عليه وليس الأمر كذلك. بل الحسن عبارة عن نفس ورود الشرع بالثناء على فاعله وكذا في القبح ، فإذا وصفنا فعلا بالوجوب ، فلسنا نقدر للفعل الواجب صفة بها يتميز عما ليس بواجب ، وإنما المراد بالواجب الفعل الذي ورد الشرع بالأمر به إيجابا ، وكذا الحظر.
هذا وقد بيّنا في بحث الكلام امتناع الكذب على الشارع من غير لزوم دور.
الرابع : لو لم يقبح من الله تعالى شيء لجاز إظهار المعجزة على يد الكاذب وفيه انسداد باب إثبات النبوة.
والجواب : أن الإمكان العقلي لا ينافي الجزم بعدم الوقوع أصلا كسائر العاديات.
الخامس : إنا قاطعون بأنه يقبح عند الله تعالى من العارف بذاته ، وصفاته أن يشرك به ، وينسب إليه الزوجة والولد ، وما لا يليق به من صفات النقص وسمات الحدوث بمعنى أنه يستحق الذم والعقاب في حكم الله تعالى سواء ورد الشرع أو لم يرد.
والجواب : أن مبنى القطع على استقرار الشرائع على ذلك ، واستمرار العادات بمثله في الشاهد فصار قبحه مركوزا في العقول حيث يظن أنه بمجرد حكم العقل.
السادس : لو لم يكن وجوب النظر ، وبالجملة أول الواجبات عقليا لزم إقحام الأنبياء وقد مرّ بجوابه ، ولقوة هاتين الشبهتين ذهب بعض اهل السنة وهم الحنفية إلى أن حسن بعض الأشياء وقبحها مما يدرك بالعقل كما هو رأي المعتزلة كوجوب أول الواجبات ، ووجوب تصديق النبي وحرمة تكذيبه دفعا للتسلسل ، وكحرمة الإشراك بالله ، ونسبة ما هو في غاية الشناعة إليه على من هو عارف به وبصفاته ، وكمالاته ووجوب ترك ذلك ولا نزاع في أن كل واجب حسن ، وكل حرام قبيح إلا أنهم لم يقولوا بالوجوب أو الحرمة على الله تعالى ، وجعلوا الحاكم بالحسن والقبح والخالق لأفعال العباد هو الله تعالى ، والعقل آلة لمعرفة بعض ذلك من غير إيجاب ولا توليد ، بل بإيجاد الله تعالى من غير كسب في البعض ومع الكسب بالنظر الصحيح في البعض.