والجواب : أن عدم القتل إنما يتصور على تقدير علم الله تعالى بأنه لا يقتل وحينئذ لا نسلّم لزوم المحال. وقد يجاب بأنه لا استحالة (١) في قطع الأجل المقدر الثابت لو لا القتل ، لأنه تقرير للمعلوم لا تغيير ، فإن قيل : إذا كان الأجل زمان بطلان الحياة في علم الله تعالى كان المقتول ميتا بأجله (٢) قطعا وإن قيد بطلان الحياة بأن لا يترتب على فعل من العبد لم يكن كذلك قطعا من غير تصور خلاف ، وكان الخلاف لفظي على ما يراه الأستاذ وكثير من المحققين. قلنا : المراد بأجله المضاف إلى (٣) زمان بطلان حياته بحيث لا محيص عنه ، ولا تقدم ، ولا تأخر على ما يشير إليه قوله تعالى (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٤) ومرجع الخلاف إلى أنه : هل يتحقق في حق المقتول (٥) مثل ذلك أم المعلوم في حقه أنه إن قتل مات وإن لم يقتل فإلى وقت هو أجل له.
فإن قيل : فيلزم على الأول القطع بالموت وإن لم يقتل (٦). وعلى الثاني : القطع بامتداد العمر إلى أمد ، وقد قال بجواز الأمرين البعض من الكل (٧) من الفريقين.
أجيب : بمنع لزوم الثاني لجواز أن لا يكون الوقت الذي هو الأجل متراخيا ، بل قد يكون (٨) متصلا بحين القتل أو نفسه وهذا ظاهر ، وأما الأول فيمكن دفعه بأن عدم قتل المقتول سيما مع تعلق علم الله تعالى ، بأنه يقتل أمر مستحيل لا يمتنع لمن (٩) يستلزم محالا هو انقلاب الأجل وإن قدر معه تعلق العلم بأنه لا يقتل ، فانتفاء القطع يكون ذلك الوقت هو الأجل ظاهر ، لأن القطع بذلك ، إنما كان في جهة القطع بالقتل ، ثم الأجل عندنا واحد. وعند من جعل المقتول ميتا بأجله مع القطع ، فإنه لو لم يقتل لعاش إلى أمد آخر هو أجله اثنان. وعند الفلاسفة للحيوان أجل طبيعي بتحلل رطوبته ، وانطفاء حرارته ، الغريزتين وآجال اخترامية بحسب (١٠) أسباب لا تحصى من الأمراض والافات.
__________________
(١) في (ب) بأن الاستحالة بدلا من (بأنه لا استحالة)
(٢) سقط من (أ) لفظ (ميتا).
(٣) سقط من (أ) لفظ (إلى)
(٤) سورة الأعراف آية رقم ٣٤
(٥) في (ب) حق المقتول بدلا من (المعقول)
(٦) في (ب) من بدلا من (وإن لم)
(٧) سقط من (ب) لفظ (الكل)
(٨) سقط من (أ) لفظ (قد)
(٩) في (أ) من بدلا من (لمن)
(١٠) في (ب) يحتسب بدلا من (بحسب)