علم منهم الارتداد ، وتصلح للعباد وأن لا يحسن الدعاء لدفع البلاء ، وأن يتساوى امتنانه على الكفر وعلى الأنبياء ، وأن لا يبقى له في التفضل مجال ، ولا تكون له خيرة في الأفضال).
ذهب البغداديون من المعتزلة (١) إلى أنه يجب على الله تعالى ما هو (٢) أصلح لعباده في الدين ، والدنيا ، وقال البصريون : بل في الدين فقط فيعنون (٣) بالأصلح الأنفع ، والبغداديون الأصلح في الحكمة والتدبير. واتفق الفريقان على وجوب الاقدار والتمكين ، وأقصى ما يمكن في معلوم الله تعالى مما يؤمن عنده المكلف ، ويطيع وأنه فعل لكل أحد غاية مقدورة من الأصلح ، وليس في مقدوره لطف لو فعل بالكفار لآمنوا جميعا ، وإلا لكان تركه بخلا وسفها (٤) ، وعمدتهم القصوى (٥) قياس الغائب على الشاهد لقصور نظرهم في المعارف الإلهية ، واللطائف الخفية الربانية ، ووفور غلطهم في صفات الواجب الحق وأفعال الغنى المطلق. قالوا : نحن نقطع بأن الحكيم إذا أمر بطاعته ، وقدر على أن يعطي المأمور ما يصل به إلى الطاعة من غير تضرر بذلك ، ثم لم يفعل كان مذموما عند العقلاء ، معدودا في زمرة البخلاء ، ولذلك من دعى عدوه إلى الموالاة ، والرجوع إلى الطاعة ، لا يجوز أن يعامله من الغلظ واللين إلا بما هو أنجع في حصول المراد ، وادعى (٦) إلى ترك العناد ، وأيضا من اتخذ ضيافة لرجل واستدعى حضوره ، وعلم أنه لو تلقاه ببشر وطلاقة وجه دخل وأكل وإلا فلا. فالواجب عليه البشر والطلاقة (٧) والملاطفة لا أضدادها.
قلنا : ذاك بعد تسليم استلزام الأمر الإرادة إنما هو في حكيم محتاج إلى طاعة
__________________
(١) في (ب) والمعتزلة بدلا (من المعتزلة)
(٢) سقط من (ب) لفظ (ما هو)
(٣) في (أ) يقصدون بدلا من (يعنون)
(٤) سقط من (أ) لفظ (وسفها)
(٥) في (ب) الكبرى بدلا من (القصوى)
(٦) سقط في (ب) وادعى إلى
(٧) سقط من (أ) لفظ (الطلاقة)