قلنا : لا خفاء في أن الإماتة وقطع العذاب ثم سلب العقول أصلح. وأيضا فإذا كان تكليف من علم أنه يكفر أصلح مع أنه تنجيز مشقة ، فلم لا يكون إنقاذا من علم أنه يعود أصلح مع أنه تنجيز راحة.
الرابع : يلزم أن لا يستوجب الله على فعل شكرا لكونه مؤديا للواجب كمن يرد وديعة (١) ، ودينا لازما.
الخامس : مقدورات الله تعالى غير متناهية ، فأي قدر يضبطونه (٢) في الأصلح فالمزيد عليه ممكن ، فيجب لا إلى حدّ.
فإن قيل : ربما يصير ضم المزيد إليه مفسدة ، كما أن ضم النافع إلى النافع يصير مضرة ، فيما إذا زاد من الدواء (٣) على القدر الذي فيه الشفاء.
أجيب : بأنه لا يعقل أن يكون ضم الصلاح إلى الصلاح فسادا ، وتقدر قدر من الدواء للشفاء إنما هو بطريق جري (٤) العادة من الله تعالى ، فإنه النافع والضار لا الدواء ، حتى لو غير العادة ، وجعل الشفاء في القدر الزائد جاز.
ولو سلّم فالنفع مقدور والزيادة في الدواء ليس من ضم النفع إلى النفع ، بل من ضم ليس ينفع مثلا لنافع في الحمى قدر من المبرد يقاوم الحرارة الغالية ، فإذا زيد عليه قدر فليس ينفع ، لأنه عمله ليس في دفع تلك الحرارة التي هي المرض ، بل في إثبات برودة تزيل الصحة والاعتدال (٥) بخلاف الصلاح في الدين ، فإنه لا يتقدر بقدر ، ولا ينتهي إلى حد ، وكل صلاح ضم إلى صلاح يكون أصلح.
فإن قيل : يتقدر الأصلح لا لتناهي قدرة الله تعالى. بل لما علم أن المزيد عليه يصير سببا (٦) للطغيان.
__________________
(١) سقط من (أ) لفظ (وديعة)
(٢) في (ب) يقدرونه بدلا من (يضبطونه)
(٣) سقط من (ب) لفظ (الدواء)
(٤) سقط من (ب) لفظ (جري)
(٥) سقط من (أ) لفظ (والاعتدال)
(٦) في (ب) طريقا بدلا من (سببا)