وتفويض تدبير عالم العناصر إليها ، وإلى الأفلاك.
فمرجع التوحيد عندهم إلى وحدة الواجب لذاته (١) لا غير.
فالمعتزلة إنما يبالغون في نفس تعدد القديم.
وأهل السنة في نفي تعدد الخالق.
والكل متفقون على نفي تعدد الواجب والمستحق للعبادة ، والموجد للجسم.
وأما المشركون فمنهم الثنوية (٢) القائلون بأن للعالم إلهين نور هو مبدأ الخيرات ، وظلمة هو مبدأ الشرور.
ومنهم المجوس القائلون بأن مبدأ الخيرات هو (يزدان) ومبدأ الشرور هو (أهرمن) واختلفوا في أن (أهرمن) أيضا قديم أو حادث من (يزدان) وشبهتهم أنه لو كان مبدأ الخير والشر واحد لزم كون الواحد خيرا وشريرا وهو محال.
والجواب : منع اللزوم إن أريد بالخير من غلب خيره ، وبالشر (٣) من غلب شره ، ويمنع (٤) استحالة اللازم إن أريد خالق الخير وخالق الشر في الجملة.
غاية الأمر أنه لا يصلح إطلاق الشرير لظهوره فيمن غلب شره.
وعورض بأن الخير إن لم يقدر على دفع الشرير أو الشرور فعاجز ، وإن قدر ولم يفعل فشرير ، وإن جعل إبقاؤها (٥) خيرا لما فيه من الحكم والمصالح الخفية كما تزعم المعتزلة في خلق إبليس (٦) وذريته وأقداره وتمكينه من الإغواء ، فلعل نفس
__________________
(١) في (ب) بذاته بالباء.
(٢) الثنوية : مذهب قديم شاع خاصة في بلاد فارس قبل المسيحية وبعدها وانتسبت إليه فرق تحمل أسماء أصحابها أقدمها الزرادشتية نسبة الى زرادشت وكان يمثل النور والظلمة (يزدان وأهرمن) ومنها الديصانية نسبة إلى ديصان والمانوية نسبة إلى ماني ثم المزدكية نسبة إلى مزدك ، ومن الثنوية الطائفة المرقونية التي حاولت أن تمزج بينها وبين المسيحية. راجع القاموس الإسلامي ج ١ ص ٥٤٣.
(٣) في (ب) وبالشر بدلا من (الشرير).
(٤) في (ب) ومنع بدلا من (يمنع).
(٥) في (ب) أبقاها.
(٦) إبليس : هو اسم أعجمي ممنوع من الصرف ، وقيل عربي واشتقاقه من الإبلاس لأن الله تعالى أبلسه من رحمته ، وآيسه من مغفرته. قال ابن الأنباري : لا يجوز أن يكون مشتقا من أبلس لأنه لو كان مشتقا ـ