السواء ، ولا تساوي بين مشيئته ومشيئة (١) غيره ، ولا بين علمه وعلم غيره ، وكذا جميع الصفات. وأشنع من ذلك امتناع الملاحدة عن إطلاق اسم الموجود عليه (٢). وأما الامتناع عن إطلاق الماهية ، فمذهب كثير من المتكلمين. لأن معناها المجانسة (٣) ، يقال ما هذا الشيء من أي جنس هو؟.
قالوا : وما روي أن أبا حنيفة (٤) رحمهالله كان يقول : «إن لله تعالى مشيئة (٥) لا يعلمها إلا هو» ليس بصحيح ، إذ لم يوجد في كتبه ، ولم ينقل عن أصحابه العارفين بمذهبه. ولو ثبت فمعناه أنه يعلم نفسه بالمشاهدة لا بدليل أو خبر أو أن له اسما لا يعلمه غيره ، فإن لفظة (٦) ما قد يقع سؤالا عن الاسم.
قال الشيخ أبو منصور (٧) رحمهالله : إن سألنا سائل عن الله تعالى (٨) ما هو؟.
قلنا : إن أردت ما اسمه؟ فالله الرحمن الرحيم. وإن أردت ما صفته؟ فسميع بصير ، وإن أردت ما فعله؟ فخلق المخلوقات ووضع كل شيء موضعه ، وإن أردت ما ماهيته (٩)؟ فهو متعال عن المثال والجنس.
__________________
(١) في (أ) شيئيته وشيئية غيره.
(٢) سقط من (ب) لفظ (عليه).
(٣) التجانس وكذا المجانسة : بحسب الاصطلاح الكلامي الاتحاد في الجنس كالإنسان والفرس ، وهما من أقسام الوحدة ، كذا في شرح المواقف والأصول. وهكذا عند الحكماء على ما يفهم من استعمالاتهم.
راجع كشاف اصطلاحات الفنون ج ١ ص ٣٢٨.
(٤) هو النعمان بن ثابت ، أبو حنيفة إمام الحنفية ، الفقيه المجتهد المحقق أحد الأئمة الأربعة عند اهل السنة ولد عام ٨٠ ه بالكوفة ، وكان يبيع الخز ويطلب العلم في صباه ، ثم انقطع للتدريس والافتاء من كتبه (مسند في الحديث) والفقه الأكبر توفي عام ١٥٠ ه. راجع تاريخ بغداد ١٣ ـ ٣٢٣ وابن خلكان ٢ : ١٦٣ ، والنجوم الزاهرة ٢٠ : ١٢ والبداية والنهاية ١٠ : ١٠٧.
(٥) في (أ) ماهية بدلا من (مشيئة).
(٦) سقط من (ب) كلمة (لفظة).
(٧) هو محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي ، من أئمة علماء الكلام نسبته الى ماتريد محلة بسمرقند من كتبه التوحيد ، وأوهام المعتزلة ، والرد على القرامطة ، ومآخذ الشرائع في أصول الفقه وشرح الفقه الأكبر المنسوب للإمام أبي حنيفة. مات بسمرقند عام ٣٣٣ ه. راجع الفوائد البهية ١٩٥ ومفتاح السعادة ٢ : ٢١ والجواهر المضية ٢ : ١٣٠ وفهرس المؤلفين ٢٦٤.
(٨) في (أ) بزيادة لفظ (تعالى).
(٩) سقط من (ب) لفظ (ما).