الرابع : أنه لو جاز اتصافه بالحادث ، لزم عدم حلوله (١) عن الحادث فيكون حادثا لما سبق في حدوث العالم ولمساعدة الخصم على ذلك.
وأما الملازمة فلوجهين :
أحدهما : أن المتصف بالحادث لا يخلو عنه ، وعن ضده. وضد الحادث حادث ، لأنه منقطع إلى الحادث ، ولا شيء من القديم كذلك ، لما تقرر أن ما يثبت قدمه امتنع عدمه.
وثانيهما : أنه لا يخلو عنه وعن قابليته ، وهي حادثة لما مرّ من أن أزلية القابلية تستلزم جواز أزلية المقبول ، فيلزم جواز أزلية الحادث وهو محال ، وكلا الوجهين ضعيف.
أما الأول : فلأنه إن أريد بالضد ما هو المتعارف ، فلا نسلم (٢) أن لكل صفة ضد أو أن الموصوف لا يخلو عن الضدين ، وإن أريد أن مجرد (٣) ما ينافيه وجوديا كان أو عدميا حتى إن عدم كل شيء ضد له ، ويستحيل الخلو عنهما ، فلا نسلم (٤) أن ضد الحادث حادث. فإن القدم (٥) والحدوث إن جعلا من صفات الموجود خاصة ، فعدم الحادث قبل وجوده ليس بقديم ولا حادث وإن أطلقا على المعدوم أيضا باعتبار كونه غير مسبوق بالوجود أو مسبوقا به فهو قديم ، وامتناع زوال القديم إنما هو في الموجود لظهور زوال العدم الأزلي لكل حادث.
وأما الثاني : فلأن القابلية اعتبار عقلي معناه ، إمكان الاتصاف ولو سلم فأزليتهما إنما تقتضي أزلية جواز المقبول أي إمكانه لا جواز أزليته ليلزم المحال. وقد عرف الفرق.
__________________
(١) في (أ) بزيادة لفظ (حلوله).
(٢) في (ب) ثم بدلا من (نسلم).
(٣) في (ب) بزيادة (أن).
(٤) في (ب) ثم بدلا من (نسلم).
(٥) القدم : ضد الحدوث ، والقدم : وجود فيما مضى : والبقاء : وجود فيما يستقبل ، ولم يرد في التنزيل ولا في السنة ذكر القديم في وصف الله تعالى ، والمتكلمون يصفونه به. وقد ورد : يا قديم الإحسان وأكثر ما يستعمل القديم يستعمل باعتبار الزمان ، نحو قوله تعالى : (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) سورة يس آية رقم ٣٩.